ولو وقف المصلّي في ماءٍ صافٍ يبدو منه لون بشرته، فليس بمستورٍ. وإن كان الماء كدِراً، فهو مستور، ولو طلى على عورته طيناً، فهو ستر باتفاق أصحابنا، وهو كافٍ مع القدرة على الستر بالثياب.
ولو لم يكن معه ثوب، وكان متمكناً من التسبب إلى تحصيل طين ينطلي به، فهل يجب عليه ذلك؟ فعلى وجهين، ذكرهما العراقيون: أحدهما - يجب؛ فإنه ستر، والثاني - لا يجب؛ لأنه لو وجب، لدام الوجوب في الصلاة وغيرها، وتكليف ذلك عظيمٌ منتهٍ إلى مشقة ظاهرة.
٨٩٧ - ثم الستر يراعى من الجوانب ومن فوق، ولا يراعى الستر من أسفل الذيل والإزار.
ونص أئمتنا أن من كان يصلي في قميص واحد، على طرف السطح، فإدراك سوأته هين على من هو تحت السطح، وصلاته صحيحة.
وهذا عندي فيه للفكر مجال؛ فإن من وقف هكذا فوق مكانٍ مطروق، وكان الريح تعبث بثوبه، فلستُ أستجيز إطلاق القول بأنه يحلّ له ذلك، وهو مُعرَّض للنظر.
فإن قال قائل: العرفُ هو المرعي في الستر، والناس يستترون من فوق ومن الجوانب، قيل: هذا كلام عري عن التحصيل؛ فإن العرف لا يطرد بين العقلاء هزلاً في شيء، وأهل العرف إنما لم يراعوا الستر من أسفل من جهة أن التطلع من تحت القميص والإزار غيرُ ممكن إلا بمعاناة وتكلّف، فإذا فرض الموقف على شخص (١)، والأعين تبتدر إدراك السوأة، فهذا لا يُعد في العرف ستراً أصلاً، إلا أن يكون الذيلُ ملتفاً بالساق.
فرع:
٨٩٨ - إذا كان في الثوب الساتر خرق، فوضع يده عليه وكان يصلي، فقد ظهر الاختلاف في ذلك.
والمذهب عندي تجويز الصلاة، فإن الرجل لو لم يكن في الصّلاة، وفعل
(١) شخص: مكان مرتفع (المعجم).