أهل الصناعة- قائلاً: إن النشر الإلكتروني الآن، أغنى عن الفهارس، فلم يعد لها كبير فائدة.
وهذا لا شك كلام لا ثبات له، فالباحث في الشبكة الإلكترونية ينطلق من شيء يعرفه، ويسأل عنه، ومعه مفتاح، أو كما يسمونه مدخل يدخل به، أو منه.
والفهرس من الوسائل التي تضع في يد الباحث هذه المداخل، وإلا فكيف يعرف الباحث أن مؤلف هذا الكتاب تميز بمعجم خاص من الألفاظ، وباستعمالات غير مألوفة من الأساليب؟ من أين يعرف الباحث في الشبكة الإلكترونية هذا، ما لم يبذل المحقق جهده في صناعة مثل هذه الفهارس، ويضعها بين يدي الباحث أولاً؟
* وإذا كان هذا رأيَ بعض الشيوخ وأهل الصناعة في الفهارس، فما بالك بغيرهم؟ الناشرون والفهارس:
يتضجر الناشرون من الفهارس أحياناً، يعرف ذلك من مارس التعامل معهم، وأشار إلى شيء من ذلك العلامة الشيخ أحمد شاكر (١)، وأخونا العلامة النابغة الدكتور محمود الطناحي -رحمه الله ونور ضريحه- فقد قال في مقدمة الجزء الخاص بالفهارس من الطبعة الثانية لطبقات السبكي: " ... وقد صدرت الطبعة الأولى وقرين كل جزءٍ فهارسه ... وقد صنعنا هذا الصنيع لأمرين: الأول - خشية أن يصيبنا الكلال والوهن، فلا نستطيع بعد ظهور الكتاب في أجزائه العشرة أن نتُم عملنا بإصدار فهارسه مجمعة.
الثاني- أن يُحجم الناشر وقتها عن إصدار جزء ضخم مكلِّفٍ للفهارس العامة خشية عدم رواجه " اهـ.
الناشرون معذورون:
الناشر مهما كان من أهل العلم، أو الذين يعرفون للعلم قيمته، فهو في النهاية تاجر محترف -وهذا ليس عيباً- والتجارة تعتمد على دورة رأس المال ومدى سرعتها، فأن يسجن الناشر رأس ماله في كتابٍ يطبعه، وينتظر مدة شهر أو شهرين، أو أكثر في انتظار
(١) مقدمة سنن الترمذي: ٤٤.