فما أرى ذلك ظاهراً في هذه القومة، التي وجبت لأجل الهوي منها إلى الركوع؛ فإنها غير مقصودة قطعاً، ولا يمتنع أيضاً أن يقال: ينبغي أن يكون الركوع عن سكون وقيام، وإذا لم نجد نصاً، فالرجوع إلى قضايا النُّهى، وليس لنتائج القرائح منتهى.
ولو ركع الراكع، ثم وجد في الركوع خفة، فلا نأمره أن يقوم ويهوي راكعاً، بل نقول: لو فعل ذلك، بطلت صلاته؛ فإنه يكون آتياً بركوعين بينهما قيام في ركعة واحدة، ولكنه إذا وجد خفة كما ذكرناها في الركوع، ففد قال الأئمة: يجوز أن يرتفع راكعاً حتى ينتهي إلى ركوع القادرين على القيام، ولم ينصُّوا على أنه يجب ذلك.
وأنا أقول فيه: إذا وجد الخفة قبل حصول الطمأنينة، فالظاهر أنه يجب عليه الارتفاع إلى ركوع القائمين.
فإن قيل: قد لابس البدلَ، فهلَاّ جاز إتمامه والاكتفاء به؟ قلنا: نصبُ القدمين إلى معقد النطاق حتمٌ في الركوع كما مضى في فصل الركوع، فَلْيَأت به، وبالجملة، القول في ذلك متردّد محتمل.
وإن ركع واطمأن عن قعوده، ثم وجد بعد ذلك خفة، فالظاهر أنه لا يجب الانتهاء إلى ركوع القائمين؛ فإنه وجد الخفة بعد كمال الركوع، ولا يمتنع أن يقال: يجب ذلك، مادام ملابساً للركن، تخريجاً على أن الركن إذا مدّ، فجميعه فرضٌ، أم الفرض منه مقدار الاكتفاء أولاً؟ وقد سبق في هذا كلامٌ تام، في الأمّي إذا تعلم الفاتحة وهو قائم.
فلينعم الطالبُ فكره جامعاً وفارقاً في هذه المسائل. ولن ينتفع بهذا المجموع إلاّ من هو في الفقه مطلع على مسالكي في المذهب والخلاف والمأمول من فضل الله أن يُعمّمَ النفعَ به، ويجعلَه خالصاً لوجهه، إنه على ما يشاء قدير، وبإسعاف راجيه جدير.
٩٤٨ - ولو قدر العاجز عن القيام في أثناء القعود، لم يجز له أن يلبث قاعداً؛ فإن القعود في هذا الوقت مشروط بالعجز، وقد زال العجز، فليترك القعودَ.