مسجد (١) على توسع، وإنما رأَوا ذلك، حتى يبين حدّ السجود. وحد مصلَّى المصلِّي، ثم المار يجتنب المرور في ذلك؛ فإنه بمثابة المستحَق لاضطراب المصلّي في حركاته وانتقالاته.
ولو كان الرجل يصلّي في صحراء، فحسن أن يغرز بين يديه عَنَزَة (٢) أو سوطاً، أو ينضد شيئاًً من رَحْله، أو ما شاء، ولعل السر في ذلك أن يبيّن للمار الحدَّ الذي يجتنب المرورَ فيه، فيتنكّبه.
وإذا لم يكن بين يديه شيء يُعلِم حدَّه، والمار في مروره يعسر عليه الاشتغال برعاية ذلك، فيكون المصلي في ترك ما يتستر به كالمقصر في الاهتمام بحماية حد صلاته.
ثم ليس المرور حراماً في حده، وإن تستر، وإنما هو مكروه، ولا ينتهي دفعُ المصلّي إياه إلى منعٍ محقق، بل يومىء ويشير برفق في صدرِ (٣) من يمرّ ويبغي تنبيهَه.
وهذا كذلك. وإن ورد لفظ القتال حيث قال: "فَلْيُقَاتل"، فهو محمول على إبداء الحدّ (٤) في محاولة الدفع، والساتر الذي يرعاه، إنما هو إعلام كما ذكرناه، وهو الغرض منه، وليس المقصود التستر الحقيقي به، وليس كما ذكرناه في نصب شيء في سطح الكعبة يستقبله المصلّي؛ فإن ذلك الشاخص قبلةُ المصلّي، ففصّلنا القول في استقباله، وهذا لإعلام الحد.
٩٥١ - ولو قصَّر المصلّي ولم يبيّن عَلَماً، ثم أراد أن يمنع المار في حدّه، فهل له ذلك؛ فعلى وجهين: أحدهما - لا؛ لأنه المقصر، والثاني - يمنعه، ويصير دفعه الآن إعلاماً، فَلْيَكتف به المدفوع، فعلى هذا يعود أمرنا المصلّي بنصب عَلَم إلى أَنْ لا يحتاج في أثناء الصلاة إلى الدفع، فإن لم يتفق مست الحاجة إليه، واكتفى المدفوع
(١) أي مكان سجود وفي (ت ٢): وفيه يسجد.
(٢) عَنَزَة بثلاث فتحات: عصا أقصر من الرمح ولها زُج من أسفلها. "المصباح".
(٣) (ت ٢): في صده. وفي (ل) "في صلب من يمر".
(٤) كذا في النسخ كلها بالحاء واضحة تماماً. ولعلها: (الجَد) بالجيم، وإلا فالحدّ (بالحاء) تكون بمعنى الحدة.