العربية وفاء بما كان ادعاه أولاً، من أن التهدّي في صنعةٍ مرشدٌ إلى غيرها.
وتمام الحكاية أنه سأله في المجلس بعد إصابته في المسألة الأولى عن الطلاق قبل النكاح في المسألة المشهورة، فقال: لا يقع ويلغو، فسأله العلة، فقال: لا يسبق السيلُ المطر، فاستعمل مثلاً سائراً، وأشار إلى معتمد من يُبطل تعليق الطلاق قبل النكاح؛ فإنه يقول: الطلاق تصرُّفٌ في النكاح فترتب عليه، فتقديره سابقاً غير مستقيم.
فرع:
١٠٢٨ - إذا اعتقد المصلِّي أنه سها، وما كان عَقْدُه متردداً، فسجد سجدتي السهو، ثم تبين له قبل أن يسلم أنه ما كان ساهياً، فقد قال بعض المحققين: يسجد الآن قبل أن يسلم سجدتين، من جهة أن سجدتي السهو المعتقد أوّلاً عينُ السهو، فقد تحقق قبل أن يتحلل عن صلاته أنه زاد في الصلاة سجدتين، وهذا يقتضي السجود.
وكان شيخي يقول: لا يسجد في هذه الصورة، وهذا فيه فقه، فلا يمتنع أن يقال: سجدتا سهوه سهوٌ من وجه وجبرانٌ من وجه، فهما يجبران أنفسهما، كما يجبران كل سهو يقع، وهذا كإيجابنا شاة في أربعين شاة، فإذا أخرجها المكلّف فهي تطهر النصاب، والنصاب أربعون، فقد طهرت ما بقى، وطهرت نفسها، وهذا يعتضد بما تمهد من أن السجود يتداخل وإن تعدد السهو.
فرع:
١٠٢٩ - إذا سها وسجد سجدتي السهو، فلما رفع رأسه عن السجدة الثانية، تكلم ناسياً؛ فإنه لا يسجد لمكان هذا السهو، وقد اتفق الأئمة عليه، وهو يقرب من صورة التسلسل من جهة أنه يتوقع أن يسهو مرة أخرى لو أمرناه تقديراً بالسجود ثانياً، والتحقيق فيه أن سجود السهو لا يتعدد بتعدد السهو عند العلماء، ولذلك أخرنا سجدتي السهو إلى آخر الصلاة، حتى يتقدم عليه كل ما يفرض من سهو، ولما كان السجود يتعدد بتعدد تلاوة الآيات التي تقتضي سجودَ التلاوة، استعقبَ كلُّ تلاوة سجدتَها.
فإذا تمهد ذلك، فإن سجد للسهو المتقدم، ثم سها قبل السلام، فيقدر كان هذا السهو تقدم على السجود؛ إذ مبنى الباب على أن السجود لا يتعدد بتعدد السهو، ولهذا أخرنا سجود السهو، فإن اتفق وقوع سهو بعد السجود، فذاك في حكم المجبور بالسجود المقدم.