البلدة، ويكون جريان ذلك من جهة التمثيل بمثابة عمل من الأعمال لا يُشاع مثله في العرف إذا جرى من شخص أو أشخاص، وقد لا يشعر به معظم أهل البلدة، فَلْيَقِس الناظر ذلك الذي نحن فيه بهذا، ولْيعلم أن الغرض ظهور الشعار. وهذا هو الأصل. فإذاً قد لا يحصل ذلك إلا بأن تقام في كل مَحِلَّة، وقد تصغر القرية فيقع الاكتفاء بجماعة واحدة.
١١٦٧ - ومما ينبغي أن ينبه عليه أن الناظر قد يقول: إذا كبرت البلدة، وكثر أهلها وكان معظمهم لا يقيمون الجماعة، وكان الشعار يظهر بالذين يقيمونها، ولكن كان يظهر من أهل البلدة الاستهانة بالجماعة؛ من حيث يتقاعد عنها معظمهم، فإنهم يعصون. وهذا الظن خطأ؛ فإنه ظهر الشعار، وسقط الفرض عن الباقين، وإن كانوا جماهير أهل البلدة.
والذي يحقق ذلك أن الصلاة على الموتى من فروض الكفايات، فلو كان لا يصلي عليهم إلا شراذم والباقون يعبُرون ولا يبالون، فالفرض يسقط عن الباقين، فإذاً النظر إلى ظهور الجماعة.
وقد يتجه أن نقول: لو كان حضر في كل (١) مسجد اثنان - ثلاثة، بحيث لا يبدون للمارين، فلا يحصل ظهور الشعار بهذا.
والجملة في ذلك أن كل واحد في نفسه لم يفرض عليه لأجل صلاته جماعة، وإنما الغرض أن يحصل إظهار شعائر الإسلام على الجملة.
ولا يمتنع أن يقال: لا يعتبر في القرى الصغيرة القريبة من البلاد إظهار ذلك، إذا استقلت البلاد بإظهار ذلك، فلهذا المعنى اختص وجوب الجمعة بالبلاد والقرى الكبيرة.
وفي أهل البوادي إذا كثروا عندي نظر فيما نتكلم فيه، فيجوز أن يقال: لا يتعرضون لهذا الفرض، ويجوز أن يقال: يتعرضون له إذا كانوا ساكنين، ولا شك أن المسافرين لا يتعرضون لهذا الفرض، وكذلك إذا قل عدد ساكنين (٢) في بلدة؛
(١) سقطت من الأصل ومن (ط) وحدهما.
(٢) كذا " ساكنين " بالتنكير، في جميع النسخ، ولم تخالفها (ل).