القضاء، فلم يقض حتى تبين أنه امرأة، ففي وجوب القضاء القولان المقدمان، كما ذكرناه.
فهذا أحد ما استثنيناه.
١١٨٧ - والثاني - اقتداء القارىء بالأمي، فنصوّر الأمي ونصفه أولاً، ثم نذكر ترتيب المذاهب. والمعنيُّ بالأمي الذي لا يحسن قراءة الفاتحة، أو كان لا يطاوعه لسانُه على القراءة السديدة، بل كان يُحيل معنى كلمة منها، وإن كان قادراً على التعلم مقصراً فيه، فلا تصح صلاتُه في نفسه، وليس ذلك صورة مسألتنا، وإن كان لا ينطلق لسانه بالصواب، فصلاته في نفسه صحيحة، وهو الأمي الذي نريد تفصيل الاقتداء به.
وإن كان يحسن الفاتحة، وكان يلحن في غيرها، فقد قال الأئمة: لا يضرُّ لحنُه في غير الفاتحة، إذا كان عاجزاً عن تسديد اللسان؛ فإنّ صلاته صحيحة، والمقدار الذي هو ركن القراءة هو فيه ليس بأمي.
وفي هذا نظر؛ من جهة أنه لو قيل: ليس له في نفسه أن يقرأ بعد الفاتحة ما يلحن هو فيه؛ فإن تلك القراءة ليست واجبة، والتوقي من الكلام واجب، والكلمة التي يلحنها ليست من القرآن، فكأنه يتكلم في صلاته، لما (١) كان ذلك بعيداً عن القياس، فلينظر الناظر في ذلك.
وإن كان يردد حرفاً، ثم ينطلق كالذي يردد التاء ثم يجري -وهو التمتام- فليس بأمي، وكذلك الفأفاء، وهو الذي يردد الفاء، فإنه إذا كان يأتي بحرف، وهو معذور فيما يزيد، كالذي يتكلم ناسياً، فالقراءة صحيحة، والزائد محطوط عنه.
فإذا تُصوّر الأمي، فالذي نص عليه الشافعي في الجديد أنه لا يصح اقتداء القارىء به، ونص في القديم على جواز الاقتداء به.
ونقل بعض الأئمة قولاً ثالثاً: وهو أنه إن كانت الصلاة سرية، جاز الاقتداء به، وإن كانت جهرية، لم يجز الاقتداء به مطلقاً.
(١) قوله: "لما كان ذلك بعيداً عن القياس" هو جواب (لو) في قوله: "لو قيل ... ".