صلى الله عليه وسلم أمَّ بأصحابه (١)، ثم تذكر في أثناء الصلاة أنه جنب. فأشار إلى أصحابه: أي كما أنتم قفوا، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأسه يقطر فتحرم، واستمر الأصحاب على حكم الاقتداء" (٢) ومعلوم أنهم أنشؤوا اقتداء جديداً، فإن (٣) اقتداءهم الأول لم يكن صحيحاً، والثاني - أن أبا بكر في صلاة المرض اقتدى برسول الله صلى الله عليه وسلم في أثناء الصلاة، كما مضت القصة.
١٢٠٤ - ثم إذا ظهر القولان، فقد اختلف أئمتنا في محلّهما، فمنهم من قال: إنهما يجريان في الركعة الأولى، فإذا عقد المنفرد الصلاةَ، ثم اتفقت جماعة وهو في الركعة الأولى، فقولان، فأما إذا صلى ركعة على الانفراد، ثم أراد بعدها الاقتداء، فلا يجوز؛ لأنه يختلف ترتيب الصلاة ويتفاوت.
ومنهم من طرد القولين في الصورتين.
وإذا جمع الجامع الكلام في ذلك، كان الخارج منه ثلاثة أقوال، أحدها - المنع، والثاني - الجواز، والثالث - الفصل بين أن يقع في الركعة الأولى قبل الركوع أو بعده.
فهذا كلامٌ في أحد مقصودي الفصل.
١٢٠٥ - فأما إذا كان مقتدياً، ثم أراد الانفراد ببقية الصلاة؛ حتى يسبق الإمام، فقد ترددت النصوص فيه، وحاصل المذهب فيه ثلاثة أقوال: أحدها - المنع؛ فإنه التزم الاقتداء، وانعقدت الصلاة على حكم المتابعة، فلزم الوفاء.
والقول الثاني - له الانفراد؛ فإن إقامة الجماعة كانت مسنونة، فإذا خاض فيها، لم تلزم (٤) بالشروع؛ فإن من مذهبنا أن السنن لا تلزم بالشروع.
والقول الثالث - أنه يفصل بين المعذور وغيره، ويشهد لهذا قصة معاذ: "وقراءتُه
(١) كذا: (بالباء) في جميع النسخ، والحديث بمعناه، لا بلفظه، كما يتضح من سياقته.
(٢) رواه أبو داود، والشافعي من حديث أبي بكرة، وصححه ابن حبان والبيهقي (ر. أبو داود: الطهارة، باب في الجنب يصلي بالقوم وهو ناس، ح ٢٣٣، ٢٣٤، وابن حبان: ٦/ ٥ ح ٢٢٣٥، الأم: ١/ ١٦٧، التلخيص: ٢/ ٣٣ ح ٥٧١).
(٣) سقط من الأصل. ومن (ط) وحدهما.
(٤) في الأصل و (ط): "فلا اختصاص فيها ثم تلزم".