مفتوحة، فهما كالمسجد الواحد، ولا أثر لانفصال أحد المسجدين عن الثاني بالجدار، وإن كان الباب مردوداً، وكان صوت المترجم يبلغ في المسجد الثاني، وهما معدودان كالمسجد الواحد، فالمذهب الظاهر صحة الاقتداء، فإنهما كالمسجد الواحد.
وأبعد بعض أصحابنا، فمنع إذا لم يكن حالة الاقتداء منفذٌ؛ لأن أحدهما يعدّ عند رد الأبواب منفصلاً عن الثاني، ولا يعدّان مجتمعين عرفاً.
ثم من منع الاقتداء والباب مردود قالوا: لو كان الجدار الحائل بين المسجدين المانع من الاستطراق مشبكاً، لا يمنع من رؤية مَن هو واقف في المسجد الذي فيه الإمام، فعلى الوجه البعيد وجهان.
وما ذكر من رد الأبواب فالمراد إغلاقها، فأما إذا لم تكن مغلقة الأبواب، فهي كالمفتوحة قطعاً، والذي أرى القطعَ به جوازُ القدوة، وإن كانت الأبواب مغلقة، والجدارُ غيرَ نافذ إذا كان المسجدان في حكم المسجد الواحد، وباب أحدهما لافظٌ في الثاني، وهو المذهب، ولست أعد غيره من متن المذهب.
١٢٢٨ - فأما إذا كان الاقتداء في مواتٍ مشترك في الصحراء، فقد قال الشافعي: "إذا كان بين موقف الإمام وبين موقف المأموم مائتا ذراع، أو ثلاثمائة ذراع، فيجوز الاقتداء، وإن زاد، لم يجز" (١).
والذي يجب ضبطه قبل الخوض في التفاصيل، أن الشافعي لم يكتف في جواز الاقتداء بأن يكون المأموم بحيث يقف على حالات الإمام وانتقالاته، وقد نَقَلَ عن عطاء (٢) أنه اكتفى بهذا في الأماكن كلها. وبُلِّغت عن مالك (٣) أنه صار إلى ذلك، ولم
(١) ر. المختصر: ١/ ١١٨.
(٢) مذهب عطاء هذا نقله الشافعي، وعقب عليه قائلاً: ولا أقول بهذا. (ر. المختصر: ١/ ١١٨). ونص عبارته: "ومذهب عطاء أن يصلي بصلاة الإمام من علمها، ولا أقول بهذا" ا. هـ.
(٣) القائل " وبلغتُ عن مالك " هو إمام الحرمين، وحقاً ما بلغه؛ فمذهب مالك كمذهب عطاء.
(ر. جواهر الإكليل: ١/ ٨٠، وحاشية الدسوقي: ١/ ٣٣٧، والموسوعة الفقهية " اقتداء ف ١٦ ").