الحجة، فأقام الرابع والخامس والسادس والسابع، وصلى الصبح بالأبطح في الثامن، وكان يقصر الصلاة في هذه الأيام، ثم أقام ليلةً بمنى، وليلة بمزدلفة، وثلاثَ ليالٍ بمنى، فكانت إقامته ببقاع متفرقة.
وسيأتي في ذلك أمر عظيم يجب الاعتناء به في الخبر ومعناه، وعقد المذهب.
ثم إذا حكمنا على من نوى الإقامة أكثر من ثلاثة أيام بأنه مقيم، لم يتوقف انقطاع الرخص منه على مُضيِّ مدة المسافرين، بل كما (١) نوى انكف عن الرخص، فإنه صار مقيماً شرعاً. وكل ما ذكرناه فيه إذا نوى الإقامة في مدةٍ، ولم يعلِّق إقامته بحاجة وشغل.
١٢٧٤ - فأما إذا سنح له شغل في قرية أو بلدة على طريقه، واحتاج لأجلها إلى الإقامة، فقد ذكر صاحب التقريب فيه أحسن ترتيب، فنسوقه على وجهه، ثم نأتي فيه ببدائع وآيات، قال رضي الله عنه: إن كانت الإقامة من الغُزاة في محاصرةٍ، أو قتال دائمٍ، فالمنصوص عليه للشافعي أنه لو أقام يرقب الفتح، وكان ذلك ممكناً في اليوم مثلاً، ويمكن استئخاره، فإنه يقصر على هذه الحالة ثمانية عشر يوماً بلياليها، قطع بذلك نصُّه.
ولو زاد المُقام على هذه المدة، فهل يقصر؟ فعلى قولين: أحدهما - لا يقصر.
والثاني - أنه يقصر أبداً ما استمرت هذه الحال.
توجيه القولين: من قال: لا يزيد، فإنما حمله على ذلك أنه صح عنده إقامةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على حربٍ في مثلها (٢)، وكان يقصر، فأثبت ما ورد،
(١) "كما": بمعنى عندما.
(٢) حديث قصر الرسول صلى الله عليه وسلم في الغزو، روي أنه أقام سبعة عشر. رواه ابن عباس، وروى: أنه أقام تسعة عشر يوماً، وروي أنه أقام ثمانية عشر يوماً. رواه عمران بن حصين، وروي: عشرين. قال في التهذيب: اعتمد الشافعي رواية عمران لسلامتها من الاختلاف. ورواية عمران بن حصين، أخرجها أبو داود، والترمذي، والبيهقي. وأما رواية ابن عباس بلفظ (سبعة عشر) فرواها أبو داود، وابن حبان، وروايته بلفظ (تسعة عشر) رواها أحمد والبخاري ا. هـ ملخصاً من كلام الحافظ. (ر. البخاري: تقصير الصلاة، باب =