كان أحدث، ثم تبين أنه كان قد أحدث، لم يرتفع الحدث بوضوئه؛ فإنَّ الأصل عدمُ الحدث، وبمثله لو استيقن الحدث، وشك هل توضأ؟ فتوضأ على التردد، ثم تبين أنه ما كان توضأ، فوضوؤه يرفع حدثه؛ فإنه بناه على أصل يقين الحدث؛ إذ كان مستيقناً للحدث شاكاً في الوضوء، وهذه المسألة حسنة.
وفي المسألة الأولى من الطهارة تردد؛ فإن أئمتنا ذكروا خلافاً في أن من نوى تجديدَ الوضوء معتقداً أنه ليس محدثاً، ثم تبين أنه محدث، فهل يرتفع حدثه أم لا؟
فظاهر المذهب أنه لا يرتفع الحدث، وعليه بنى الصيدلاني ما ذكره.
فهذه مسائل جَمَعَها وهي حسنة.
١٣١١ - ولكن قوله: الأصل في المسافر القصرُ مدخولٌ على مذهبنا؛ فإن الأصل الإتمام في حق الكافة، والصحيح في التعليل ما ذكرناه من عُسرِ الاطلاع على نية الإمام في القصر والإتمام، وقد ذكرنا أنه إذا أشكل على المسافر أن إمامه مقيم أو مسافر، فاقتدى به على الإشكال ثم بان أنه مسافر، وقد كان المقتدي نوى القصرَ على تقديره مسافراً قاصراً، فعلى المقتدي الإتمام، وإن كان إمامه مسافراً قاصراً؛ فإنه كان يمكنه أن يبحث عن حاله ويتبين أنه مسافر أم لا، وليس هذا كعُسرِ الاطلاع على نية الإمام في القصر والإتمام، والإمامُ مسافر.
١٣١٢ - وقد ذكر صاحب التقريب وجهاً أنه إذا اقتدى بمن لا يدري أنه مسافر أم مقيم، ونوى القصر على هذا التقدير، ثم بان مسافراً قاصراً أنه يقصر المقتدي، وقاس هذا على ما لو كان متردداً في أن إمامه المسافر هل نوى القصر أم لا؛ فإنه يقصر، إذا بان الإمام قاصراً، وهذا وإن كان مما يمكن التعلق به، ولكن المذهب ما ذكره الأصحاب، ولست أعدّ ما ذكره من المذهب.
فرع:
١٣١٣ - قال العراقيون: إذا اقتدى مسافرٌ بمسافر، وكان مسبوقاً، فأدرك ركعة من صلاته، فلما تحلل الإمام، ذكر أنه كان قاصراً، فالمقتدي يعوّل على قوله ويقصر.
وإن ذكر الإمام أنه كان متماً، فإن تحقق عنده صدقُه، فعليه أن يتم؛ فإنه اقتدى بمتم، وقد تمهد ذلك.