دخل الوقت، وقامت الصلاة، أقام الجمعة، وإن كان بين دخول الوقت وبين إقامة الصلاة مدة، وكان لا يناله مزيدُ مشقة، في مصابرة الإقامة في الجامع، حتى تقام الجمعة، يلزمه ذلك.
وإن كان يناله مشقة في الصبر، فالذي أراه أن ينصرف إن أراد، ولا يلزمه المصابرة، ولعل هذا يُضبط بما ضبط به جواز ترك القيام، وإيثار القعود في الصلاة المفروضة.
فهذا بيان القول في المرضى.
١٤٢٢ - ومن الناس من يلزمهم إقامة الجمعة، وحضور الجامع، ثم ظاهر المذهب أن العدد لا يتم بهم، وهم الذين نَوَوْا إقامة مدّة لأشغالٍ لهم، ثم هم عازمون على الانصراف إلى أوطانهم، إذا قضَوْا أوطارهم، كالتجار والمتفقهة، ولا يعد هؤلاء من أهل البلدة، بل يسمَّوْن الغُرباء، فلا يكمل بهم الأربعون؛ فإنهم ليسوا من أهل البلدة.
والذي يحقق ذلك أنا لم نصحح الجمعة من المقيمين في البوادي تحت الخيام والأخبية؛ فإنهم وإن أبرموا العزمَ، فالخيام مهيأة للنقل، فدل أن المعتبر إقامةٌ تامة، في محل مهيّأ لها، ولكن وإن حكمنا بأن العدد لا يتم بهم، فيلزمهم أن يحضروا، ويقيموا الجمعة إذا كملت العِدة بأصحاب الكمال.
والسبب فيه أن سقوط الجمعة معدود من قبيل الرخص، وهؤلاء الغرباء إذا أقاموا على الصفة التي ذكرناها، لم يجز لهم أن يترخصوا بشيء من رخص المسافرين، فترتب على ذلك أنه يلزمهم الجمعة، ولا يتم بهم العدد.
وذهب بعض أصحابنا إلى أن الغرباء، الذين تلزمهم الجمعة، يحكم بانعقاد الجمعة بهم، وهذا وإن لم يكن ظاهر المذهب، فليس بعيداً عن القياس.
فأما أهل الكمال: وهم العقلاء، البالغون، الذكور، الأحرار، المقيمون، الذين يعدّون من أهل البقعة، ولا يعتادون الانتقال شتاء ولا صيفاً، فهم الذين يلزمهم، وتنعقد بهم الجمعة.