أحدهما - لا يجب؛ لمكان العذر على الوجه الذي فرّعناه عليه.
والثاني - يجب؛ فإن هذا وإن كان عذراً عند هذا القائل، فهو عذر تخيّر، والزكاة دَيْن الله تعالى، فيظهر أن يقال: هذا مما نجوّزه، ولكن على شرط التزام سلامة العاقبة، ولا يخفى نظائر ذلك. وهذا بيّن.
١٧٩٠ - ومما ذكره بعض المصنفين في ذلك أن الأولى في الأموال الباطنة أن يتعاطى المالك بنفسه تفرقةَ الزكاة، ولو دفعها إلى السلطان، جاز. ولو تمكن من الدفع إلى الوالي، فأخر حتى يؤديها بنفسه، فتلف المال، ففي سقوط الزكاة خلاف.
١٧٩١ - والقول الضابط في ذلك أن نقول: إن لم يتمكن من عليه الزكاة من تفرقتها أصلاً حتى تلف ماله، سقطت الزكاة تخفيفاً، وعُذِرَ، وإن تمكن، ولكن كان يرتاد (١) الأفضل والأولى، كما تقدم تصويره، فهو محل النظر والتردد (٢)، ومن تلك الصور أنه إذا كان ينتظر حضورَ قريبه، الذي لا تلزمه نفقته، أو كان يرتقب حضورَ جيرانه -إذا وضح أن صرف الزكاة إلى هؤلاء أولى- أو كان ينتظر حضورَ من حاجته أشدّ، وضرُّه وفاقته أبْين، فإذا فُرض تلف المال في أثناء ذلك، ففي سقوط الزكاة وبقائها خلاف.
وكشفُ الغطاء في ذلك أن التأخير إن كان لترو ونظرٍ في صفات المستحقين على قرب، وكان يتمارى (٣) في أمر من حضر، فما يُعدّ من الاحتياط والتروّي مع رعاية الاعتدال، فهذا أراه عذراً وجهاً واحداً؛ حتى لا أعصّي المؤخِّر بسببه.
فأما التأخير بسبب ارتقاب شهود الأقارب، أو الجيران، فجوازه محتمل، ويظهر أن يقال: لا يجوز؛ فإن الزكاة على الفور، وهذه فضيلة يبغيها، وتأخير الحق من ذي الحق بهذا غيرُ سائغ.
نعم لو شهد الأجانب والأقارب، فله أن يختار الأقارب، فأما أن يؤخر لانتظارهم
(١) في (ت ٢): ولكن كان يرجو بتأخيره زيادة الأفضل.
(٢) زيادة من هامش (ت ٢).
(٣) يتشكك.