وتحقيق القول في ذلك أن من ملك نصابين، فالوجه أن يقال: واجب النصابين متعلق بجميع المال، من غير انحصار واختصاص.
والدليل عليه أن بنت المخاض واجب نُصب، وهي الأخماس، ثم لا وجه إلا إضافة بنت المخاض إلى جميع الخمس والعشرين من غير حصر وتخصيص، وكذلك إذا وجب في ست وثلاثين بنت لبون، فالوجه إضافتها إلى جميع المال.
ثم إذا وضح في الأسنان، فلا شك في اطراد قياسه حيث تكون الزيادة بالعدد.
والدليل عليه أنه إذا زاد بعير بزيادة عشرة عند استقرار الحساب، فلا يعتقد عاقل أن البعير وجب في العشرة، ولكن الوجه إضافة الكل إلى الكل، والذي يوضح ذلك، أن باب الخلطة مبناه على تعلّق جميع الواجب بجميع المال، وعليه ابتنى التراجع وتفريعات الخلطة، على ما سيأتي، إن شاء الله تعالى.
فإذاً خرج من هذا أن حقيقة المذهب أن من ملك نصابين، فواجبهما متعلق بجميع المال، بلا خلاف، ولكن ليس أحد النصابين وقاية للثاني.
وإذا ملك الرجل نصاباً ووقصاً، فالوجه انبساط الواجب على الكل، ولكن هل يسقط واجب النصاب بتلف الوقص، أم هو وقاية، والتلف محسوب من الوقص؟ فعلى قولين، كما تقدم ذكرهما.
فهذا هو الغرض. ولكن جرت عبارة الأصحاب في أن الزكاة هل تتعلق بالوقص أم لا. فهذا منتهى المراد في ذلك.
١٧٩٧ - ولو ملك تسعاً من الإبل، وحال الحول، فتلفت خمس، وبقيت أربع قبل الإمكان، فإن قلنا الإمكان من شرائط الوجوب، فتسقط الزكاة بجملتها، ويتنزل منزلة ما لو تلف خمس وبقيت أربع قبل حلول الحول، ولو كان كذلك، لما وجبت الزكاة أصلاً.
وإن قلنا: الإمكان من شرائط الضمان، وقد وجبت الزكاة بحلول الحول، فيعود التفريع إلى أن الزكاة تتعلق بالوقص أم لا؟ فإن قلنا: إنها تتعلق بالوقص، فيسقط خمسة أتساع شاة، ويبقى أربعة أتساع، وإن قلنا: تتعلق الزكاة بالنصاب دون