أردت زكاة مالي المعجلة. هذا لا بدّ منه في هذا الوجه. فليفهم المنتهي إليه.
فرع:
١٩٢٥ - إذا أخرج زكاة ماله تعجيلاً، ثم إنه أتلف ماله قصداً، فهل يثبت له حق الرجوع والاسترداد، حيث يثبت له ذلك في التفصيل المقدم؟ اختلف أصحابنا في المسألة: فمنهم من لم يثبت له حق الرجوع؛ لأنه المتسبب إلى الإتلاف، وحق الاسترداد في حكم رخصة، تثبت لمن اجتاحت الجائحة ماله.
ومنهم من قال: له الاسترداد، لزوال شرط إجزاء الزكاة، والعلمِ بأنها لم تقع الموقع.
فرع:
١٩٢٦ - مما ينبغي أن يتنبه له الناظر في أثناء الكلام أن الزكاة إذا كانت مفروضة، فلا حاجة في أدائها -وقد وجبت- إلى لفظٍ عند الأداء؛ فإن تسليمها في حكم توفية حق على مستحق، فأما من أراد الهبة والمنحة، فلا بد من لفظٍ، كما سنصفه في كتاب الهبات، إن شاء الله تعالى.
فأما إذا أراد الباذل صدقةَ التطوّع، ففي الاحتياج إلى اللفظ ترددٌ للأصحاب مرموز، وهو محتمل. والظاهر الذي به عمل الكافة أنه لا حاجة إلى اللفظ في صدقة التطوع؛ تشبيهاً لها بصدقة الفرض، وإن لم تكن مستحقّة.
فرع:
١٩٢٧ - إذا أثبتنا لمن عجل الزكاة استردادَ ما بذله، وكان باقياً في يد من أخذه، أو في تركته إن مات، من غير زيادة، ولا نقصان، فإنه يسترد تلك العين.
وإن كانت زادت زيادة متصلة، فلا حكم لها، والعين مستردة معها.
وإن كانت زادت زيادة منفصلة قبل أن حدث ما يوجب الاسترداد، فتلك الزيادة هل تسترد مع الأصل؟ فعلى وجهين: أحدهما - لا تسترد؛ فإنها حدثت في ملك القابض، قبل أن حدث ما يوجب الاسترداد.
والثاني - تسترد؛ فإن الأمر في الرجوع يستند إلى التبيّن (١)، فكأنا نتبين أن الملك لم يحصل للقابض في أصله إذا حدث ما يوجب الاسترداد، وسيتضح هذا بما نذكره من بعدُ إن شاء الله تعالى.
(١) التبيّن: مصطلح أصولي، سبق بيانه. ومعناه بإيجاز، أننا نتبين أن الحكم كان ثابتاً من قبل، ولذا يترتب عليه أثره بأثر رجعي.