فإذا تقرر ذلك، فنقول: ما ذكرناه من الرجوع في الزيادة، وتغريم النقصان، على التردد الذي قدمناه فيه، إذا جرت الزيادة والنقصان قبل حدوث السبب. فأما إذا جرت الزيادة بعد السبب، فلا شك أن الزيادة للراجع، فإنها إنما حدثت في ملكه على القاعدة التي ذكرناها.
وإن فرض نقصان بعد حدوث انتقاض الملك، أو فرض تلف، فالوجه عندي أن يقال: يجب الضمان؛ فإن العينَ لو تلفت وهي (١) على ظاهر ملك القابض، ثم حدث ما يوجب الاسترداد، لوجب على القابض الضمان، وكذلك إذا حصل التلف بعد انتقاض الملك.
وهذا يناظر شيئاً: وهو يدُ المستعير، فإنها ثابتة بإذن المالك من غير عدوان، ولكنها يدُ ضمان، وسبب ذلك أن حقيقةَ العارية، أن المستعير ملتزم أن يرد ما قبض، إذا انتفع، فإذا لم يتمكن من الرد، لزمه الضمان. كذلك تعجيل الزكاة، هو على تقدير وقوعها عن الفرض، فإذا لم تقع عنه، فالضمان ثابت.
فرع:
١٩٣٠ - إذا أثبتنا الرجوعَ، وكانت العين تلفت في يد القابض، وأثبتنا الرجوعَ بقيمتها، فقد ذكر صاحب التقريب وجهين في القيمة المعتبرة: أحدهما - أن الاعتبار بقيمة يوم القبض.
والثاني - أن الاعتبار بقيمة يوم تلف العين، ولا يخفى توجيههما.
وقد ينقدح عندي وجه ثالث في إيجاب أقصى القيم، من يوم القبض إلى التلف؛ بناء على أنا نتبين أن الملك غيرُ حاصل للقابض، واليد يدُ ضمان تبيُّناً، وقد ذكر مثل هذا في يد المستعير والمستام (٢)، وهذا الوجه بعيد، في هذا المقام، مع ثبوت ظاهر الملك للقابض.
(١) في الأصل، (ط)، (ك)، (ت ٢): "وبُني" والمثبت من (ت ١).
(٢) "المستام" سام البائع السلعة من باب (قال) عرضها، وسامها المشتري، واستامها، فهو مستام، إذا طلب بيعها منه، أي رغب في شرائها. (المصباح) فيدُ المستام هنا، معناها إذا أخذ السلعة أو البضاعة ليفحصها رغبةً في شرائها.