ذلك؛ صائراً إلى أن انقضاء الحول يصادف مالاً ناقصاً عن النصاب، فكيف تقدّر وجوب الزكاة؟ وعندنا يجوز ذلك.
ثم إن سلمت الأحوال، ولم يطرأ ما يوجب أن يقال: لا تقع الزكاة موقعها.
فكيف يقدّر الكلام؟
قال صاحب التقريب: يقدّر كأن ملك المعطي لم يزل عن الشاة التي أخرجها؛ حتى يَنْقضي الحول وفي ملكه نصاب. وهذا فيه نظرٌ عندي؛ فإن تصرّف القابض نافذ، وملكه في ظاهر الأمر جارٍ، ولو باع الشاة التي قبضها، ثم حال الحول، فكيف نقول ملك المعطي قائم فيها؟
ولو اجترأ مفرع على مذهب صاحب التقريب، وقال: إذا كان التعجيل ينقُصُ المال عن نصاب، فلا ينبغي أن يتصرف القابض، كان ذلك فاسداً، فلا معنى للتعجيل إذاً مع القبض على يد القابض.
فالوجه أن يقال: تعجيل الزكاة خارج عن قانون القياس، وهو في حكم رخصة، فكأن الشرع جعل الحالة التي يقع التعجيل فيها، كحالة انقضاء الحول، لحاجة المساكين. فإذا انقضى الحول لم يتحقق (١) الوجوب في الحال، ولكن أغنى ما تقدم عن الوجوب. وتأديةُ الواجب رخصةٌ حائدة عن المنهاج المستقيم، في ترتيب الواجب، وبناء الأداء عليه.
١٩٣٤ - ثم قال صاحب التقريب: إذا أخرج شاة عن أربعين، ثم طرأ ما يمنع إجزاء الزكاة، فإن لم يثبت الاسترداد، فكأنه تطوع بشاة قبل تمام الحول، فينقطع الحول، ولا تجب الزكاة. وإن أثبتنا حقَّ الاسترداد. قال: إن رأينا استرجاع الزوائد، فهذا على قول تبيّن استمرار ملك المعطي، ونفي ملك القابض، فإذا رجعت الشاة بعينها، فتجب الزكاة عند الحول، لمكان النصاب الكامل تبيّناً.
(١) كذا في الأصل، (ط)، (ت ١) و (ت ٢) والمعنى: لم يتحقق الوجوب عند انقضاء الحول؛ لأنه كان قد سقط بالأداء المعجل قبلاً. هذا وفي (ك) وحدها: "ثم تحقق" مكان "لم يتحقق".