المرتد لا يقضى من الصدقة، (١ بل هو مطالب به في نفسه، وكذلك إذا كان غنياً، لمّا حلّت الصدقة، فدينه لا يقضى من الصدقة ١).
وبالجملة فرضُه (٢) منفصل عن الصدقات، وفي تأديته من الصدقة ما في قضاء الديون من الصدقات، وهو مبيّن مفصّل في قَسْم الصدقات.
١٩٤٥ - وذكر الشيخ أبو بكر كلاماً فيه إشكال، فقال: لو حلّت صدقةُ زيد، والمستقرض من المساكين ممن يحل له أخذ الصدقة لدَيْنه، ثم استغنى بجهة، أو ارتد، فحلّت صدقةُ عمرو، فلا تصرف إلى دينه صدقةُ عمرو، ويصرف إلى دينه (٣) صدقة زيد.
وهذا ليس بشيء؛ فإنه مديون عليه دين، لا يتعلق بزكاة زيد ولا عمرو، فينبغي أن يكون النظر إلى صفة حالة الآخذ، سواء كان من صدقة زيد، أو من صدقة عمرو، وإنما يتجه ما قاله لو فرع على منع النقل، وصوّر في انحصار المستحقين، ثم فرض طريان التغايير بعد الاستحقاق، فقد لاح ما ذكرناه، ولم يبق في جوانبه غموض.
فرع:
١٩٤٦ - رب المال إذا سلّم الزكاة إلى الوالي، فقد بلغت الصدقة محلّها، فلو تلفت في يده من غير تقصيره مثلاً، فقد وقعت الزكاة موقعها.
ولو عجل الزكاة، وسلّمها إلى الوالي، فتلفت في يده، كما تقدم تصويره، ففي بعض التصانيف أنها تقع الموقع كذلك، كما لو وقع التسليم بعد الوجوب. وإن كنا قد نغيّر الأمر في الزكاة المعجلة بالتغايير التي تطرأ وتعرو (٤)؛ فإنا بنينا هذه القاعدة على
(١) ما بين القوسين ساقط من (ت ٢).
(٢) كذا بالفاء، والمعنى فرض الاستقراض في هذه الصورة منفصل عن الصدقات، ولا علاقة له بها، فهو كأي قرض في التأدية من الصدقات.
ولو قرئت بالقاف "قرضه"، لكانت العبارة أوضح، ولكن النسخ الخمس كلها بالفاء الواضحة تماماً بدون أدنى لبس. والله أعلم.
(٣) زيادة من (ت ١)، (ت ٢). ثم كأنه يقول: لا تصرف إليه صدقة عمرو؛ لأنه عندما حلّت لم يكن من أهل استحقاق الصدقة، لغناه أو ردته.
(٤) في (ت ١): تطرد، وتعرو، (ك) سقط "وتعرو".