حكم التصرف على قولنا إنه تضمين؛ فإنه يتفرع على أصلٍ نذكره مقصوداً، ثم نفرع عليه التصرف، فإن قلنا: الخرص تضمين، فلو حصل التضمين كما سنذكره؛ فإن فيه تفصيلاً، فلو تلفت الثمار بعد بدو الصلاح وجريان التضمين، فإن أتلفها هو بنفسه، فعليه للمساكين عشرها تمراً؛ فإنه قد ضمن حقَّهم.
وإن قلنا: الخرص عبرة، (١ فإن أتلف الرطب، لم يضمن إلا يضمنه متلفُ الرطب على غيره ١)، فليلتزم قيمةَ العُشر لما أتلفه؛ فإنه لم (٢) يضمن للمساكين حقهم تمراً.
فهذا إذا أتلف وقد جرى الخرص، فأما إذا دخل وقت الخرص، ولم يتفق بعدُ جريانه، فلو أتلف رب الثمار الثمارَ، فإن قلنا: الخرص لو جرى، لكان عبرة، فالجواب كما تقدم. وإن قلنا: الخرص تضمين لو جرى، فإذا أتلف الثمر قبل الخرص، ففيما يلزمه وجهان مشهوران: أحدهما - يلزمه قيمة العشر رطباً، كما أتلفه؛ فإن التضمين لم يجر بعدُ بالخرص.
والثاني - يضمن التمرَ؛ فإن العشر قد وجب، ولا يجب العشر إلا تمراً، فيما يقبل التجفيف.
وحقيقة هذا ترجع إلى أن الشرع يُلزم التمرَ الجاف، والخرصُ يُظهر مقداره، فأما أن يتضمن الخرص بنفسه إلزاماً لا يقتضيه نفسُ بدو الصلاح، فلا. وهذا حسن في التوجيه.
فإذا قلنا: الخرص عِبْرة، فلو جرى التضمين من الخارص صريحاً، والضمان من صاحب الثمار قبولاً، فهو لغو على قول العبرة، ولو أتلف الثمارَ، لم يلتزم إلا قيمة عشر ما أتلف.
٢٠١٩ - ومما يتعلق بإتمام القول في ذلك أن من أئمتنا من قال: الخرص يتضمن التضمين إذا جرى ذكر ضمان (٣ التمر صريحاً، بأن يقول الخارص: ألزمتك حصة المساكين تمراً جافاً، فإن جرى الخرص المجرد من غير ذكر ضمان ٣)،
(١) ما بين القوسين ساقط من (ت ٢).
(٢) سقطت من (ت ٢).
(٣) ما بين القوسين ساقط من (ت ٢).