٢٠٨٠ - فأما تحلية المصاحف بالذهب والفضة، فلأصحابنا فيه طريقان: قال الصيدلاني: أما التحلية بالفضة، فجائزة للرجال والنساء جميعاً، وأما التحلية بالذهب، فجائزة للنساء، وفي جوازها للرجال وجهان: أحدهما - المنع؛ طرداً لمنع استعمال الذهب في حق الرجال.
والثاني - يجوز؛ فإنه ليس تحلياً من الرجل، وإنما هو تعظيم لكتاب الله تعالى.
فهذه طريقة.
وذهب بعض أصحابنا إلى مسلكٍ آخر، فقال: في جواز تحلية المصحف بالفضة والذهب جميعاًً في حق الرجال والنساء خلاف، فلا يختص بالخلاف أحد التبرين، ولا أحد الجنسين. فمن منعه لم يره مما يجوز للرجال في آلات الحرب، ولم يره زينةً للنساء، ومن جوزه حمل على تعظيم كتاب الله وتكريمه، فعلى هذا يستوي فيه التبران، والرجل والمرأة.
وذكر صاحب التقريب وجهاً ثالثاً - فقال: من أصحابنا من جوز تحلية المصحف، ولم يجوّز تحلية غلافه المتصل بالمصحف، وخصص الخلاف بجلد المصحف، ثم زيف هذا الوجه، ومال إلى أنه لا فرق. فإذاً في غلاف المصحف إذا لم يكن متصلاً به تردد عندي، أخذاً من اختلاف الأصحاب في أن المُحْدِث هل يمس غلاف المصحف؟ والله أعلم.
٢٠٨١ - ثم قال العراقيون: منع أبو إسحاق المروزي تحلية الكعبة والمساجد بخلاف تحلية المصاحف.
هذه صيغةُ كلامهم، ولم يذكروا في منع ذلك خلافاً، ولم أعثر على خلافٍ فيه أنقله. وليس يخفى وجه الاحتمال. وكذلك نقلوا عنه تحريم تعليق قناديل الذهب والفضة في المساجد، على ما ذكرناه.
وأما تحلية سائر الكتب قد (١) منعها الأصحاب، نصوا عليه.
قال الشيخ الإمام: من فصل بين الرجال والنساء في المصاحف، يتطرق إليه أن
(١) هكذا بإسقاط الفاء في جواب (أمّا). وهي لغة الكوفيين.