كان يستعمله على وجه محرم، فالتحريم يرجع إلى فعله في الحلي، لا إلى نفس الحلي، نعم. إذا قلنا: تكسر أواني الذهب والفضة على ملاكها، فتجب الزكاة فيها؛ لأن تلك الصنعة مستحقةُ الإزالة شرعاً، فالأواني في حكم الشرع متبرة (١)، وكذلك لو اتخذ من التبر صوراً وآلاتِ ملاهٍ.
وهذا الذي ذكرتُه إشكال ابتديتُه، وليس قاعدةً للمذهب، فحق من يعتني بجمع المذهب أن يعتمد ما يصح نقلُه، ويستعملَ فكره في تعليله جهدَه، حتى يكون نظرُه تبعاً لمنقوله. فأما أن يستتبع المذهبَ، فهذا قصدٌ لوضع مذهب. نعم يحسن بعد النقل إبداء الإشكال، وذكْر وجوه الاحتمال في الرأي، لا ليُعتقد مذهباً، ولكن لينتفع الناظر فيها بالتدرب في مسالك الفقه.
فننقل ما ذكروه الآن في ذلك.
٢٠٨٤ - قالوا: إذا اتخذ الرجل حُليَّ النساء، وقصد أن يتحلى هو به، لم تسقط الزكاة، وكذلك المرأةُ إذا اتخذت مناطقَ محلاةٍ وسيوفاً، وقصدت أن تستعملها، فعليها الزكاة. وما ذكرناه من الجانبين هو الذي عناه الأئمة بالحلي المحظور، ولو اتخذ الرجل حُليَّ النساء ليُلبسَها نساءه وإماءه، وليعيرها من النساء، فلا زكاة على القول الذي نفرع عليه. وكذلك لو اتخذت المرأة ما يليق بالرجال لتُلبسَها بنيها، وغلامَها، فلا زكاة.
٢٠٨٥ - فإن قيل: فما تعليل المذهب، والحليُّ في نفسه محترمُ الصنعة، غيرُ مكسر على الملَاّك، وعلى كاسره الضمان وإن (٢) فسدت القصود (٣)؟
قلنا: ضبطُ المذهب في ذلك عندي: أن الزكاة تجب في النقد لعينه، وعينُه لا تنقلب، بأن يتخذ منه الحلي، ولا يشترط في جريان الورق في الحول أن يكون مطبوعاً مسكوكاً أصلاً؛ إذ تجب الزكاة في السبائك، والتبر، والحليُّ في معناهما،
(١) أي محطمة، مكسّرة، مُهْلكة.
(٢) في الأصل، (ك): "فإن".
(٣) (ت ٢): العضو.