السبكي: " وأعظم ما عظم به الإمام عبد الرحيم أن إمام الحرمين نقل عنه في كتاب الوصية (١)، وهذه مرتبةٌ رفيعة " (٢) رضي الله عن إمام الحرمين، ورضي الله عن إمامنا الشافعي، الذي كان يقول لتلميذه أحمد بن حنبل: " يا أحمد إذا صح عندك الحديث، فأعلمني به ".
* ومع هذا التواضع، كان حرّ الرأي والضمير، لا يقلد أحداً، ولا يلتزم إلا بالدليل، ولا يخضع إلا للبرهان، " فمنذ شبابه رفض أن يقلد والده وأصحابه، وأخذ في التحقيق " (٣) وفي هذا المجال " لم يكن يحابي أحداً، ولو كان أباه، أو أحد الأئمة المشهورين، قال في اعتراض على والده: هذه زلة من الشيخ رحمه الله " (٤).
* كان من الكرم والسخاء مضرب الأمثال، ولم يشتغل بمالٍ يثمره، أو يدّخره، بل " كان ينفق من ميراثه، ومن معلوم له على المتفقهة " (٥).
* كذلك رزقه الله رقة القلب والخشوع، حتى إنه " كان يبكي إذا سمع بيتاً، أو تفكر في نفسه ساعة، وإذا وعظ ألبس الأنفس من الخشية ثوباً جديداً، ونادته القلوب: إننا بشر فأسجح، فلسنا بالجبال ولا الحديدا " (٦).
في هذه البيئة العلمية درج، وفي هذا البيت الطاهر نما، وبهذه المواهب الربانية سما ونبغ.
د- أساتذته وشيوخه
تتلمذ أول ما تتلمذ، وسمع أول ما سمع من أبيه، الإمام أبي محمد صاحب التفسير الكبير، والتبصرة، والتذكرة، وشرح الرسالة .. وغيرها، فقد "أتى على
(١) انظر نهاية المطلب ١١/ ٢٠١، لترى تفصيل ما نقله إمام الحرمين عن تلميذه.
(٢) طبقات السبكي، الموضع السابق نفسه.
(٣) تبيين كذب المفتري: ٧ ورقة ٧٤.
(٤) شذرات المذاهب: ٣٢/ ٣٦٠.
(٥) طبقات السبكي: ٥/ ١٧٥.
(٦) السابق نفسه: ٥/ ١٦٧.