وأنا أقول: إن كانت النخامة لا تظهر في الفم، وكان لها مَسْلك (١) متردد في الباطن، فلا شك أنه لا مؤاخذة بها. وليس الأمر كذلك؛ فإنها تظهر إذا برزت من الثقبة النافذة إلى الدماغ في أقصى الفم، ثم تجري إلى داخل الحلقوم.
فالوجه أن نقول: ما لا يَشعر الصائم به، فهو محطوط عنه، وما يجري منه، وهو على علم وخُبْر، فإن لم يقدر على رده، فلا فطر، وإن قدر على صرفه ومجِّه، ففيه خلافٌ بين الأصحاب: منهم من لم يؤاخِذ به، وحَسَم الباب، ما لم يتكلف صرفَه عن مجراه إلى الفم؛ فإنه إذا فعل ذلك، ثم ردّه، وازدرده، أفطر.
ومنهم من حكم بالفطر إذا تركه في مجراه، مع القدرة على مجِّه، وهذا يلتفت على المراتب التي ذكرناها في غبار الطريق وغيره.
ومما يلتحق بهذا الفن، القولُ في سبق الماء من المضمضة، والاستنشاق، وفيما قدمناه من البيان مقنع تامٌ فيه.
وكان شيخي يحكي عن الأصحاب أن من بلل خيطاً بريقه، وجرّه، ثم ردّه، وغلبه الريق، ولم يمجه بعد حصول ذلك، أفطر. وكان يقول: لست أرى الأمر كذلك؛ فإن ذلك القدر النزر أقلُّ مما يبقى من أجزاء الماء في داخل الفم، بعد المضمضة.
والاحتمال في هذا محال (٢).
فهذا بيان هذا النوع من المفطرات، تأصيلاً وتفصيلاً.
٢٣٤٢ - ومن المفطرات الجماعُ، وقد فصلنا، وألحقنا الاستمناء في الإفساد والإفطارِ بالجماع؛ من حيث كان مقصودَ الجماع. والقيءُ على ما فصلناه. والردة تُفسد كلَّ عبادة، والحيض، والجنون، ينافيان العَقْدَ، ويقطعان الدوامَ. وفي الإغماء ما سبق (٣). فهذه جوامع المفسدات.
(١) (ط) سلك.
(٢) كذا في النسخ الثلاث، ولكن الأشبه بعبارات الإمام أن تكون: " وللاحتمال في هذا مجال "، فهذا التعبير يتكرر كثيراً في كلامه. وكما ترى المعنى ينعكس تماماً.
(٣) عبارة الأصل، (ك): " في الإغماء على ما سبق ".