والاعتكاف كان في الشرائع المتقدمة، قال الله تعالى: {أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} البقرة: ١٢٥. وعن عائشة أنها قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف، فيدني إليّ رأسَه، فأرَجِّله " (١).
فصل
قال: " والاعتكاف سنة حسنة، ويجوز بغير صوم ... إلى آخره " (٢).
٢٣٦١ - المنصوص عليه للشافعي في الجديد أن الاعتكاف يصح بغير صوم، ويصح في الليلة الفردة، والعيد وأيام التشريق.
وقال أبو حنيفة (٣): " لا اعتكافَ إلا بصوم "، ثم ناقض، وقال: لو اعتكف يوماً محتوشاً بليلتين، صح اعتكافه في اليوم والليلتين، وإن كانت الليلةُ لا تحتمل الصوم.
وحكى الأئمة قولاً للشافعي في القديم، في اشتراط الصوم في الاعتكاف. ثم قال الأئمة: إذا فرعنا على القول القديم، لم نصحح الاعتكاف في الليل، لا تبعاً، ولا مفرداً.
٢٣٦٢ - فإن قلنا: الصومُ شرطُ الاعتكاف، لم نشترط الإتيانَ بصومٍ لأجل الاعتكاف، بل نصحح الاعتكافَ في رمضان، وإن كان صومُه مستحَقاً شرعاً، مقصوداً.
وإن قلنا: الصوم ليس بشرط في الاعتكاف، فلو نذر أن يعتكف صائماً، فهل يلزمه الجمع بين الصوم والاعتكاف، أم يجوز له أن يعتكف بلا صوم، ويصومَ
(١) حديث عائشة رضي الله عنها متفق عليه (البخاري: الاعتكاف، باب الحائض ترجل رأس المعتكف، ح ٢٠٢٨، مسلم: الحيض، باب جواز غسل الحائض رأس زوجها، ح ٢٩٧).
(٢) ر. المختصر: ٢/ ٣١.
(٣) ر. الأصل: ٢/ ٢٣٠، ٢٣٩، ٢٥٤، مختصر الطحاوي: ٥٧، المبسوط: ٣/ ١١٥، البدائع: ٢/ ١٠٩، ١١٠، ١١١، مختصر اختلاف العلماء: ٢/ ٤٧ مسألة ٥٣٤، و٢/ ٥٠ مسألة ٥٣٩ رؤوس المسائل: ٢٣٧ مسألة ١٣٣.