هو الذي تردّد الأئمة فيه، فأما إذا حصل المكثُ، وانضمّت النيةُ إليه، فليس يتجه إلا القطعُ بتصحيح الاعتكاف.
وحكى الشيخ أبو بكر في آخر الكتاب (١): إن من أصحابنا من لم يصحح الاعتكافَ إلا يوماً، أو ما يدنو من يوم، وزعم هذا القائل أن النصف من اليوم، فما دونه، مما يغلب جريان المكث في مثله لعامة الناس، لحاجاتٍ تعنّ لهم في المساجد، ولا يثبت الاعتكاف إلا بمكثٍ يظهر في (٢) مثله أن صاحبه معتكف في المسجد، وهذا (٣) أبعد.
وما حكيناه من هذا التصنيف، وما قدمنا في ذلك التصنيف، وما حكاه الشيخ واحد. وإنما التردد في الصيغة.
هذا قولينا في التطوع بالاعتكاف.
٢٣٦٩ - فأما الواجب، فهو المنذور، ولا يجب الاعتكاف شرعاً، وهذا يخرم ضبطاً لبعض الأصحاب، فيما يلزم بالنذر؛ فإن طائفةً منهم، صاروا إلى أنه لا يُلتزم بالنذر إلا ما يجب بأصل الشرع، والاعتكاف يَرِد على ذلك، ومحاولة الجواب عنه تكلّفٌ.
وسنذكر حقيقة ذلك وسرّه، في كتاب النذور.
ثم الاعتكاف المنذور ينقسم إلى: مقيد بالتتابع، وإلى مضافٍ إلى الزمان المعين، من غير تتابع، وإلى مضافٍ إلى زمان معين، مع التقييد بالتتابع.
فأما المنذور المطلق الذي لم يتقيد بزمانٍ، ولا تتابع، فقد ذكرنا فيه غرضَنَا في
=وللفوراني كتابان مشهوران، هما: (الإبانة)، و (العمد). ولعل المقصود هنا (الإبانة)، فهو الأكثر شهرة.
(١) واضحٌ أنه يعني (كتاب الاعتكاف)، وإلا، فليس من المعقول أن يكون هذا الكلام عن الاعتكاف في ختام كتابه الذي يحوي الفقهَ كلَّه.
(٢) في (ط): (من). وهي مرادفة لـ (في).
(٣) في الأصل: وهو.