لا يُخرج المرءَ عن هيئة ملازمة المسجد، فهو قريب، وما يخرجه عن هيئة الملازمة، فهو البعيد الذي ذكرناه.
ولو كان له داران قريبة وبعيدة، ولم تكن البعيدة -بحيث لو لم يملك غيرها- لا يُقطع الاعتكافُ بالخروج إليها في وجهٍ عند (١) فرض الانفراد، فإذا تُصوّرت المسألة بهذه الصورة، ففي المسألة وجهان: أحدهما - يتعين الخروج إلى المنزل القريب؛ إذ لا حاجة إلى غيره. والثاني - لا بأس بالخروج إلى المنزل البعيد، إذا كان على الحد الذي وصفناه في الانفراد.
وظهر اختلاف أصحابنا في الخروج لأجل الوضوء، من غيرِ بولٍ وتغوّط، فذهب الأكثرون إلى أنه يؤثر؛ فإن الوضوء في المسجد ممكن، ولا شك أن هذا في الوضوء الواجب.
وكذلك اختلف أئمتنا في الخروج لأجل الأكل، والأظهر أنه يؤثر. ومتعلَّق من يقول: إنه لا يؤثر أن الأكل في المسجد قد يقدح في المروءة. ونهايةُ الضرورة ليست مرعية.
ولا خلاف أنا لا (٢) نشترط غايةَ إرهاق الطبيعة في الحاجة.
٢٣٧١ - ومما يتعلق بما نبغيه في ذلك: أن المرأة إذا اعتكفت، وحاضت، و (٣) خرجت عن معتكفها، نظر: فإن كانت نذرت الاعتكاف في زمان متطاول يغلب طريان الحيض عليه، فلا ينقطع التتابع بطريان الحيض؛ فإن ذلك مما لا يتأتى التحرزُ منه.
وكذلك القول في طريان الحيض على الصيام المتتابع في الزمان الممتد.
وإن نذرت الاعتكافَ المتتابعَ، في زمانٍ لا يبعد خلوه عن الحيض، ولكنها قربت افتتاحَ الوفاء من نوبتها، أو (٤) اتفق تقدم الحيضة على خلاف (٥) عادتها، ففي
(١) في الأصل: عن.
(٢) مزيدة من (ط)، (ك).
(٣) مزيدة من (ط).
(٤) في الأصل، (ك): و.
(٥) مزيدة من (ط).