وإذا تمكنت من استئجار محرم، فالقول في هذا، كالقول في استئجار المُبَذْرِق، والأظهر هاهنا وجوبُ الاستئجار؛ فإن زيادة المؤنة في حقها بمثابة زيادة المؤنة، في حق من يحتاج إلى المحمل، ولا يكتفي بالراحلة. ومن لم يوجب، قال: استئجارُ المحرم ليس من المؤن الغالبة، التي تقع، والنادر لا يلتزَم. والأصح الإلتزام.
فصل
قال الشافعي: " فإن مات قضي عنه ... إلى آخره " (١).
٢٤٥٦ - من استطاع في حياته، واستقر الحج في ذمته ومات، كان الحج ديناً مأخوذاً من رأس التركة مقدماً، على الوصايا، وحقوق الورثة.
هذا هو المنصوص عليه، في معظم الكتب، وهو ظاهرُ المذهب، وذكر هذا القولَ في الحج الكبير (٢)، ثم قال (٣): قد قيل ذلك، وقيل: إن لم يوصِ به، فلا يُحَج عنه، وإن أوصى به، حُجّ من الثلث من ميقاته.
فحصل قولان: أصحهما - الأول، والثاني مذهب أبي حنيفة (٤)، وهو جارٍ في جملة الحقوق التي تثبت لله تعالى.
وفي القول الموافق لمذهب أبي حنيفةَ إشكالُ ظاهر، وهو أن معتمد ذلك القول أن العباداتِ مفتقرةٌ إلى النية، ولا يتطرق إليها استقلالُ الغير بالأداء، من غير توكيلٍ ممن عليه؛ فإن (٥) من أدى عن غيره مقدار زكاته من غير إذنه، لم يعتد بما أخرجه،
(١) ر. المختصر: ٢/ ٤٢.
(٢) الحج الكبير: المراد به كتاب الحج من الأم، وسماه الكبير في مقابلة (كتاب الحج) من
مختصر المزني.
(٣) القائل هو الشافعي رضي الله عنه. (ر. الأم: ٢/ ١٠٧ باب من أين نفقة من مات ولم يحج؟).
(٤) ر. مختصر الطحاوي: ٥٩، البدائع: ٢/ ٢٢١، ٢٢٢، رؤوس المسائل: ٢٤٧ مسألة ١٤١، حاشية ابن عابدين: ٢/ ٢٤٢، ٢٤٣ مختصر اختلاف العلماء: ٢/ ٩١ مسألة: ٥٦٩.
(٥) ساقطة من الأصل، (ك).