وحكى الشيخ أبو علي عن بعض الأصحاب أن من نسي ما أحرم به، وقد طاف، فنأمره بأن يسعى، ويحلقَ، فإنه مضطر إلى هذا، وإذا كان من به أذىً من رأسه يؤذن له في الحلق للأذى، فما تورط فيه صاحب النسيان أولى بأن نسلطه على الحلق.
وهذا وإن كان يوجه على بُعْدٍ، فالمذهب ما قدمناه.
ثم المعنيّ بالأمر بالحلق الندبُ، والإباحة، ورفعُ الحرج: ووجه الندب أنه يُتوصل إلى إبراء ذمة نفسه، عن الحج، وإذا لم يفعل ما ذكرناه، تأخر حجُّه، ووقع في غَررِ العاقبةِ.
٢٥٤٩ - فإن قيل: إذا نهيتم عن الحلق، وجريتم على ظاهر المذهب، وهو ما اختاره ابن الحداد، في بيان طريق الخروج عن العهدة، مع استفادة براءة الذمة عن الحج، فإذا جاء صاحب الواقعة التي فرض فيها ابن الحداد كلامَه، واستفتى فبماذا تُفتون؟ قلنا: أما الحلق، فننهى عنه، ونأمره بأن يعمل عمل حاجٍّ، ليتحلل عما هو فيه، ثم لا نحكم له ببراءة ذمته عن واحد من النسكين، وإن حصل أحدهما، هذا مسلك الفتوى.
وطريقُ الخلاص، مع تحصيل الغرض من الحج ما ذكره ابن الحداد فهذا ما أردناه.
٢٥٥٠ - والآن حان أن نتكلم فيما يلزمه من الدم:
إذا فعل ما ذكره ابنُ الحدَّاد، فنقول: إن كان صاحب الواقعة غريباً، بحيث يلتزم بصورة التمتع الدمَ، فإذا جرى على (١) مراسم ابن الحداد، فيلزمه دمٌ، لا محالة؛ فإنه إن كان متمتعاً، فعليه دم، وإن كان محرماً بالحج أوّلاً، فالحلق في غير أوانه يلزمه الدم، فالدمُ لازم في كل تقدير، ثم لا يضره أن يجهلَ، ولا يعرفَ السببَ المقتضي لوجوب الدم؛ فإن قياس مذهبنا في الكفارات، أنه لا يجب فيها تعيين النية، على ما سنذكره في الظهار.
وإن لم يجد دماً، وصام عشرة أيامٍ، خرج عما عليه؛ فإن الصيام في التمتع على
(١) ساقط من الأصل.