فالغرض أن الأوْلى الاقتصارُ على الكلم المقدّمة، في الملبية، وتكريرُها أولى من الاشتغال بذكرٍ أخر، وصيغةٍ أخرى في التلبية، سوى تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم. وروي أن سعدَ بنَ أبي وقاص سمع رجلاً يقول: " لبيك يا ذا المعارج "، فقال: " يا بن أخي. إنه ذو المعارج، ولكن ما هكذا كنا نلبي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم " (١).
٢٥٥٩ - ثم ذكر الأصحاب (٢) أنه إذا لبى، فحسنٌ أن يستغفر في نفسه، ويستعيذ به من النار، ولا يرفع صوتَه بذلك، رفعه بالتلبية.
وذكر العراقيون استحسانَ الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل ذلك بصوتٍ خفيضِ، بحيث يتميز عن التلبية.
٢٥٦٠ - والتلبيةُ محبوبةٌ في دوام الإحرام، وتمامه، إلى بدء أسباب التحلل، كما سنذكرُهَا، ويتأكد استحباب التلبية، في التغايير التي تطرأ، عند الاستواء على كل نشز وصعودٍ، وعند كل هبوط، وعند اصطدامِ الرفاق.
ثم ليقتصر كلٌّ في رفع الصوت على ما يطيقه ويستديمه ولا ينبهر (٣) به.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نزل عليّ جبريلُ فأمرني أن آمر أصحابي ومن معي، بأن يرفعوا أصواتهم بالتلبية " (٤) قالوا، فرفعنا أصواتنا، فما بلغنا
=باب التحريض على القتال، ح ٢٨٣٤، والرقاق، باب الصحة والفراغ ولا عيش إلا عيش الآخرة، ح ٦٤١٤، مسلم: الجهاد، باب غزوة الأحزاب، ح ١٨٠٤، ١٨٠٥).
(١) أثر سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه رواه الشافعي، والبيهقي في سننه الكبرى (ترتيب مسند الشافعي: ١/ ٣٠٥ ح ٧٩٣، السنن الكبرى: ٥/ ٤٥).
(٢) ساقط من الأصل.
(٣) ينبهر به: أي يجهده، ويقطعه عن الاستمرار، من بهره: إذا أجهده حتى يتتابع نَفَسُه. (معجم).
(٤) حديث أمر جبريل بالتلبية رواه مالك، والشافعي، وأحمد، وأصحاب السنن، وابن حبان، والحاكم، والبيهقي من حديث خلاد بن السائب عن أبيه (مسند الشافعي: ح ٥٧١، أبو داود: المناسك، باب كيف التلبية، ح ١٨١٤، الترمذي: الحج، باب ما جاء في رفع الصوت بالتلبية، ح ٨٢٩، النسائي: مناسك الحج، باب رفع الصوت بالإهلال، ح ٢٧٥٣،=