ثم إذا نفرت بلا وداع (١)، وتمادى الحيضُ حتى انتهت إلى مسافة القصر، استمرت ذاهبةً، ولا جبران.
وإذا خرج الرجل بلا وداع، وجرينا على قولِ الجبران، وانتهى إلى مسافة القصر، استقر الجبران. ولو آثر العوْدَ، لتداركِ الوَداع، لم يسقط الجبران؛ فإنّ دخول مكة من مثل هذه المسافة في حكم زَوْرة مستفتحةٍ، تقتضي إحراماً جديداً على أحد القولين.
ولو حاضت المرأة، وخرجت، ثم انقطع حيضها، وهي بعدُ في خِطة مكة، رجعت، وطافت. وإن جاوزت الخِطة، وما انتهت إلى مسافة القصر، فالذي نص عليه الشافعي: أنه لا رجوع عليها، ونصَّ أن الرجلَ إذا فارق مكة، ولم ينته إلى مسافة القصر، وأراد الرجوعَ، يسوغُ له ذلك، ويقع الاستدراك بالطواف، ويسقط الجبران.
واختلف أصحابنا في النصين: فمنهم من جعلها على قولين: أحد القولين - أن انقطاع الحيض دون مسافةِ القصر يوجب الرجوعَ، فإن لم ترجع، التزمت الدمَ على قول. والرجوعُ في حق الرجل، والمرأةِ التي لم تكن حائضاً يثبُت لاستدراك صورة الطواف. هذا قولٌ. والمعتبر فيه مسافةُ القصر.
٢٦٤٥ - وذكر الشيخُ أبو علي، وغيرُه قولاً آخر: إنه لو عاد من مسافة القصر، أمكنه أن يتدارك الوَدَاع، فهذا القائل لا يوجب العود، ولكنه يجوّزه، ويحكم بحصول التدارك.
ثم إذا وقع التفريع على هذا القول الغريب؛ فإنه يدخل مكة محرماًً بنسك، فإذا تحلل وودَّع، وخرج يكفيه الودَاع الذي جاء به عن النسك الذي أحدثه الآن، عن التدارك الذي رجع لأجله.
وذكر صاحب التقريب وجهاً آخر: أنه يطوف طوافين: أحدهما - يستدرك به
(١) ساقط من الأصل.