٢٦٨١ - ومنها القول في أوقات الرمي كل يوم. ويتعلق به الكلام في الفوات والقضاء وما يتصل به، فنقول:
أول وقت الرمي في كل يوم من أيام منى يدخل بزوال الشمس، ويدوم إلى غروبها، وهل يمتد في الليلة المستقبلة؟ فعلى وجهين ذكرناها في رمي جمرة العقبة: أصحهما أنه لا يمتد إلى ساعات الليلة المتقبلة، بل ينقضي وقت إقامة (١) الرمي -أداءً على الاختيار- بغيبوبة الشمس، فإذاً أواخر أوقات الرمي في أيام التشريق تضاهي آخر وقت الرمي لجمرة العقبة، ولكنها تفارقها في الوقت الأول؛ فأول وقت رمي العقبة يدخل بانتصاف ليلة النحر، وأول وقت الرمي في كل يوم من أيام التشريق يدخل بزوال الشمس.
ولا خلاف أن وقت الرمي في النفر الثاني ينقضي بغروب الشمس؛ إذ لا نسك بعد ذلك.
٢٦٨٢ - ثم إنا بعد ذلك نتكلم في الفوات، والقضاء، فإذا انقضى يومَ القَرِّ وقتُ الرمي على ما فصلناه، فهل يُتدارك في اليوم الثاني، والثالث؟ فعلى قولين: أحدهما - لا يتدارك، كما لا يتدارك إذا انقضت (٢) أيام التشريق؛ إذ الغالب فيها التعبد، فكما لا يُعدل عن الجنس المرمي، فكذلك يجب ألا يعدلَ عن الوقت.
والقول الثاني - إنه يُتدارك، اعتباراً بمعظم العبادات المؤقتة.
ثم إن قلنا: لا يتدارك الفائت، فالرجوع إلى الدم، وسنفرده مقصوداً.
وإن قلنا: إنه يُتدارك، فالواقع من الرمي في اليوم الثاني قضاءٌ على الحقيقة، أم أداء تأخَّرَ عن وقت الاختيار؟ اختلف أصحابنا فيه: فمنهم من قال: هو أداء، وجملة أيام منى في حكم الوقت الواحد للرمي، ولكن تخيَّر الشرعُ لكل قدرٍ منها وقتاً، فهو كالأوقات المختارة في الصلوات.
وبنى الأئمة على هذا الاختلاف جوازَ تقديم رمي يومٍ إلى يومٍ، وقالوا: إن قلنا: رمي اليوم الأول مقضيٌّ في الثاني، فلا يجوز التقديم، وإن قلنا: إنه مؤدّى وإن أُخّر، فلا يمتنع التقديم أيضاً.
(١) في الأصل: إفاضة.
(٢) ساقط من الأصل.