وهذا غريب. وقيل: إنه مذهب أبي حنيفة (١). ومما أجراه صاحب التقريب رمزاً في أثناء كلامه أن قال: إذا جعلنا المستدرَك من الرمي مُقاماً في وقته أداء، ولم نجعله قضاء، وقلنا بحسب ذلك: يجوز التقديم، ويجزىء، فيلزم من ذلك جواز التأخير أيضاًً، حتى لا ينتسب المؤخِّر من غير علة إلى مأثم.
وهذا بعيدٌ؛ فإن جواز ذلك مما خص به أهلُ سقاية العباس، ورعاة الإبل، كما سنعقد فيهم فصلاً، فلئن كان يلزم ما قال قياساً، فالوجه أن يستدل بهذا على فساد المصير إلى أن الرمي المقامَ بعد انقضاء وقته مؤدى.
فصل
في النفر وحكمه
٢٦٩٤ - للناسك إذا رمى في اليوم الثاني من أيام التشريق (٢) أن ينفر متعجلاً، وإذا فعل ذلك، سقط عنه المبيت في الليلة التي بين يديه، وسقط عنه الرمي في النفر الثاني.
ولو نفر في يوم النفر الأول، ولم يرمِ، فلا يخلو: إما أن يعود، أو لا يعود، فإن لم يعد، استقرت الفديةُ عليه في الرمي الذي تركه في النفر الأول.
وإن عاد، لم يخل: إما أن يعود بعد غروب الشمس، وإما أن يعود قبلها.
فإن عاد بعد غروب الشمس، فقد فات الرمي، فلا استدارك، وانقطع أثره من منى، ولا حكم لمبيته. وإن رمى في النفر الثاني، لم يكن رميه معتداً به، فإنه بنفره تقلّع عن منى ومناسكه، واستقرت الفدية عليه، وكان ذلك بمثابة انقضاء أيام التشريق.
ولو عاد قبل غروب الشمس، فأجمع طريقةٍ في ذلك، ما ذكره صاحب التقريب:
(١) ر. بدائع الصنائع: ٢/ ١٣٨، مختصر اختلاف العلماء: ٢/ ١٥٦، ١٥٨ مسألة: ٦١٦، ٦١٨.
(٢) ساقط من الأصل، (ك).