فيقال: المباشرة إنما توجب الفدية إذا صادفت إحراماً تاماًً.
وكان شيخي أبو محمد يقطع القول بأن الحج إذا فسد بالجماع، فلو فرض من المحرم الذي فسد حجه تطيّبٌ، أو لُبسٌ أو ستر، فتجب الفدية في هذه المحظورات. وبهذا يتبين أنه في إحرام، وليس كالجماع، بعد الجماع؛ لأنه في حكم التابع للجماع الماضي، فجعل كحركات المجامع.
وذكر بعض أصحابنا وجهاً بعيداً في أن المحظورات بعد الوقاع لا توجب الفديةَ، إذا قلنا: إن الجماع الثاني لا يوجب شيئاً. وهذا بعيد جداً.
٢٧١٣ - ونحن نذكر بعد هذا تفصيل كفارة الجماع التام المفسد، فنقول: الواجب بدنة، فإن لم يجد، فبقرة، فإن لم يجد فسبعٌ من الغنم؛ فإن لم يكن قوّمت البدنة دراهمَ، والدراهم طعاماً بسعر مكة، فإن لم يكن، صام عن كل مدّ يوماً، ونصفُ المد كالمد في مقابلته بصومِ يوم؛ فإن الصوم لا يتبعض.
ثم اختلف الأئمة في أن هذه (١) الكفارة مرتبة، أو مخيرة: فمنهم من جعل في المسألة قولين: أحدهما - أنها مرتبة. والثاني أنها مخيّرة، في جميع ما ذكرناه.
قالوا: والقولان مبنيان على أن الوطء استمتاع أو استهلاك. فإن جعلناه استهلاكاً، فهذا (٢) على التخيير، كفدية الحلق، والقَلْم، وقتل الصيد. وإن جعلناه استمتاعاً، فهو على الترتيب كفدية الطّيب، واللّباس؛ فإنها مرتبة كما سنصفها.
فإن قلنا: هي مخيرة، فلا كلام. وإن قلنا: هي مرتبة، فالبدنة، والبقرة، والسبع من الغنم، على الترتيب، أو على التخيير، فعلى وجهين: أحدهما - أنها مرتبة، كالدم، والصوم، والإطعام. ومنهم من قال: هذه الأشياء مخيّرة (٣) وإنما الترتيب في الدم، والصوم، والإطعام؛ وذلك لأن هذه الأشياءَ على مرتبة واحدة، في الضحايا والهدايا، فلا معنى لترتيب بعضها على بعض.
(١) مزيدة من (ط).
(٢) (ط)، (ك) فهو.
(٣) (ط): مرتبة.