الفوات يوجب الدم، ثم يتوقف جواز إخراجه في وجهٍ على القضاء المنتظر؟ وإنما يستقيم هذا التردد في الصوم، ونحن ذاكروه الآن.
٢٧٣٥ - فإن قلنا: وجوب الكفارة موقوف على الخوض في القضاء، فصيام الأيام الثلاثة يقع في القضاء لا محالة، فإن الكفارة البدنية لا تقدّم على وقت وجوبها، من غير ثَبَتٍ وترخيصٍ من الشارع، فيصوم في القضاء ثلاثة أيامٍ وسبعةً إذا رجع، على ما مضى تفسير الرجوع.
وإن قلنا: الكفارة تجب بالفوات، فهل يصوم الأيام الثلاثة، وهو ملابس للحجة الفائتة؟ فعلى وجهين: أحدهما أنه يصوم؛ لأن الفوات هو الموجب، وقد تحقق.
والوجه الثاني - لا يصوم؛ فإنه في إحرامٍ ناقص.
وإنما اضطرب الأصحاب في ذلك بسببين: أحدهما - أن الفوات رأوْه موجباً للكفارة، ثم انضم (١) إليه أن من فاتته الحجة في نسك ناقصٍ، وصيامُ الأيام الثلاثة يقع في حج كامل، والجمع بين القضاء والكفارة، وأصل الحج متطوَّع به مشكلٌ في القياس. والأَوْجَه، وهو الذي قطع به الصيدلاني إثبات الصوم في القضاء.
فهذا بيان ما قيل.
٢٧٣٦ - ثم ذكر صاحب التقريب وراء ذلك قولاً بعيداً مخرّجاً فقال: ذهب بعض الأصحاب إلى أن من فاته الحج، يلزمه دمان: أحدهما - في مقابلة الفوات، والثاني - لأنه في قضائه يضاهي المتمتع؛ لأنه تحلل عن الأول، ثم شرع في الثاني، وقد تخلل بين التحلل والشروعِ في القضاء التمكنُ من الاستمتاع، وتحلله لم يكن عن حج، وإن كان شروعه في حج (٢).
٢٧٣٧ - وقد تردد الأئمة في أن من أحرم بالحج قبل أشهر الحج، فهل يكون إحرامه عمرة؟ ولم يترددوا في أن ما يأتي به من فاتته الحجة ليس بعمرة. وإن قلنا: إنه يطوف ويسعى.
(١) هذا هو السبب الثاني من سببي الاضطراب في كلام الأصحاب.
(٢) ساقط من الأصل.