٢٧٥٧ - ومما يتم الفصل به أن المستأجِر لو شرط على الأجير أن يُحرم من الكوفة، فإن وفى بها، فلا كلام، وإن جاوزها، فهل يلتزم دمَ الإساءة؟ (١ اختلف أئمتنا فيه، فذهب بعضهم إلى أنه لا يجب دم الإساءة ١)؛ إذ الدمُ منوطٌ بميقات محترَمٍ شرعاً، وهو الميقات الموضوع المشروع، وليست الكوفة من المواقيت المشروعة.
وقال بعض أئمتنا: يجب على الأجير دمُ الإساءة، إذا جاوز الميقاتَ الذي عيّنه المستأجِر. وإلى هذا الوجه ميلُ طوائفَ، منهم الصيدلاني، ووجهه أن الميقات صار مستحَقاً، ومستندُ كل استحقاقٍ في العبادة يؤول إلى حكم الله تعالى، وقد قال أئمتنا: لو قال الناذرُ: لله علي أن أحج ماشياً، فحج راكباً، لزم دمٌ، وإن لم يكن (٢) المشي مشروعاً قصداً إليه.
التفريع على الوجهين:
٢٧٥٨ - إن حكمنا أنه بمجاوزة الكوفة لا يلتزم دماً، فننقص من أجرته وجهاً واحداً؛ إذ لا جُبران، وقد تحقق نقصان العمل المطلوب.
وإن قلنا: يلتزم الأجير دماً بالمجاوزة، فيعود الكلام إلى ما قدمناه من الاختلاف في الحط، والالتفات إلى الجبران، وقد مضى هذا.
٢٧٥٩ - وتمام الفصل أن ما يلتزم به الأجير دماً ينقسم إلى ارتكاب محظور، أو ترك مأمور، فأما ما كان من ارتكاب المحظور، فلا ينتقص بسببه من أجره شيء، من جهة أنه لم ينقص من العمل، وإنما جنى جنايةً موجَبها الكفارة.
فأما إن ترك مأموراً به، مثل أن يجاوز الميقات، أو يترك الرمي، أو ما أشبه ذلك، فالتزم الدمَ، فهل يحط عن أجره شيء؟ فيه الخلاف المقدم.
وقد نجز ضبط المقصود من هذا الفصل.
(١) ما بين القوسين ساقط من (ك).
(٢) (ط): يلزم.