ونصفه بارز منه، فقد اختلف الأئمة في المسألة، فمنهم من قطع بأن المسألة على قَوْلي بيع الغائب، والشافعي أجاب بالفساد، جرياً على أحد القولين، وأشار بعضُ الأصحاب إلى أن البيعَ يفسُد في هذه الصورة قولاً واحداً؛ لأن ما لم يره في محل خيار الرؤية لو صح البيع فيه، وما رآه لا خيار فيه، وهذا قد يُفضي إلى قطع البارز عن المستور.
وهذا ليس بشيء؛ فإنا لو قدرنا خيار الرؤية، لاقتضى ردّ الجميع، كما لو اشترى عمامة رآها، ثم وجد بجزءٍ منها عيباً؛ فإنه يرد جميعَها، ولا يختص الرد بمحل العيب.
وأشار بعض الأصحاب إلى تخريج المسألة على تفريق الصفقة، إذا اشتملت على مختلفين، وهذا فاسدٌ، لما قدمناه؛ فإن الكل في حكم ما لم يُرَ، كما استشهدنا به في العيب؛ إذ المبيع واحد، فلا وجه إلا طريقة القولين.
ولو اشترى ثوباً مطوياً، فقد ألحقه الأئمة ببيع الغائب، وقطعوا القول به.
فصل
٢٨٧٥ - المعتمد في الأصل اتباع العُرف في الإعلام، ونحن في منع بيع الغائب إذ عَنَيْنا (١) بأن المبيع لم يعلم، عنينا لم يعلم (٢) بما يعلم مثلُه في العرف، ومعلوم أن من الثياب ما يَنْقُصه النشر والردّ إلى طاقةٍ واحدة، ولا يُنشر كذلك إلا إذا أريد قطعه، وقد جرى العرف بأن مثل هذا الثوب يُرى منه طاقات، ولا ينشر عند البيع.
فما نقله الأئمة تخريج المسألة على قولي بيع الغائب، ويحتمل عندي أن يُصحَّح البيع قطعاً، لما في النشر من التنقيص، ويُلحق ذلك ببيع الجوز، والمقصود منه لُبُّه، ولكن لما كان في كسره إبطالُ مقصود الادّخار، وانضمَّ إلى ذلك عموم العرف، صح العقد.
(١) في النسختين عينا. والمثبت تقدير منا.
(٢) زيادة من المحقق اقتضاها السياق.