توجيه القولين: من قال بالانقطاع تمسك بأن خيار المجلس يقطعه التفرق؛ من حيث إن المفارق بفراقه يخرج عن مجلس التخاطب، ومفارقة الدنيا بالموت أبلغ في هذا المعنى، والميت في حكم التصرفات كالمعدوم، فكأنه عُدم عن مجلس العقد.
والقول الثاني - أنه لا ينقطع الخيار؛ فإنه حقٌ ثابت قاطِعُه في الحديث التفرّق، وهذا ليس تفرقاً إطلاقاً، فالوجه إبقاء الخيار حقا لوارثه.
ومن أصحابنا من قطع ببقاء الخيار، وقال: أراد الشافعي بقوله: وجب البيع، أي استمرت صحته، ولم يبطل، وقد يَظن ظانٌّ أن البيع ينقطع بموت المكاتب رقيقاً.
ومن أئمتنا من حاول الفرق، وتقرير النصين، وقال: إن كان العاقد مكاتباً، انقطع الخيار بموته، بخلاف ما لو مات من يورَث؛ لأن الوارث ينوب مناب المورث، وكأنه هو، فإذا خلفه كان بمثابة الميت، والسيد ليس في حكم النائب عن مكاتبه، فإذا انقلب إلى الرق، بَعُد أن يقال: ينوب السيد عن مكاتبه، ويخلُفه.
وهذا ليس بشيء؛ فإن المكاتب إذا رَقَّ، قام السيد مقامه في الحقوق، التي ثبتت له، والخيار من الحقوق التابعة للملك والعقد، فإذا انقلب العقد بحقوقه إلى السيد، فالخيار من حقوقه.
والطريقة المشهورة طرد القولين.
التفريع:
٢٨٨٨ - إن حكمنا بانقطاع الخيار بموت أحدهما، فقد لزم العقد من الجانبين، وإن قلنا: لا ينقطع خيار المجلس بموت أحد المتعاقدين، فإن كان الوارث في مجلس العقد حل محل الميت، وكأنه لم يمت، فيتعلق بالوارث من المفارقة والبقاء في المجلس ما كان يتعلق بالعاقد لو بقي، وإن كان الوارث غائباً، فبلغه الخبر، ثبت الخيار. ثم ذلك الخيار يثبت على الفور، أو يمتد امتداد مجلس بلوغ الخبر، فعلى وجهين ذكرهما الإمام، وصاحب التقريب: أحدهما - أنه على الفور؛ فإن المجلس قد انقضى، ولكنّا رأينا ألاّ نعطلَ حقا ثبت للمورث، فأثبتنا أصله للوارث، وعسر اعتبار المجلس؛ فاقتضى ذلك الفور.