تحقق في حق المخرج (١)، وإن كان مطلقاً، وكان يمكنه أن يساوقه حتى لا يتحقق الافتراق، فتقاعد ولم يساوقه، فذلك منه بمثابة إجازة العقد مع دوام المجلس.
وقد ذكرنا أن أحد المتعاقدين إذا أبطل خيار نفسه وحكمنا ببقاء خيار صاحبه، فهل يبطل خيار من أبطل خيار نفسه؟ فعلى وجهين: والمذهب البطلان.
ثم تمام التفريع في ذلك أنا إذا أثبتنا لهما الخيار، وقد جرى التفرق، فمهما (٢) تمكن المخرجُ من التصرف وهو في المجلس، فالقولُ فيه كالقول في الوارث إذا بلغه الخبر، وأثبتنا له الخيارَ، وقد سبق القول في الفور والامتداد إذا زايله الإكراه وهو مارٌّ، غيرُ قار في موضع، فإن كنا نرى الخيار على الفور لو كان في مجلس، فالخيار على الفور، عند تحقق التمكن، وزوال الإكراه، وإن قلنا: يمتد الخيار امتداد المجلس، فإذا كان ماراً غيرَ لابثٍ، فالذي أراه أنه إذا فارق في مروره مكان التمكن، انقطع خياره؛ إذ لا ينضبط لمروره منتهى، فكان مكان التمكن مجلساً، وقد فارقه.
٢٨٩٤ - فإن قيل: إذا خرج عن مجلس العقد مكرهاً، وحكمنا بأنه لا يبطل خياره وبسبب هذه المفارقة، فإذا زايله الإكراه وتمكن من الانقلاب على المجلس والاجتماع بمُعَاقِده، فهل عليه ذلك إن أراد بقاء الخيار؟ قلنا: الوجه عندنا أنه إن طال الزمان، فقد انقطع ذلك المجلس حسّاً، فلا معنى للعود. وإن قرب، ولم يطل الفصل، ففي المسألة احتمال في تكليفه العودَ إلى الاجتماع بمُعاقده، من حيث إنه في استدامة الكَوْن على صورة المفارقة في حكم المؤْثر للفراق. والعلم عند الله تعالى.
فرع:
٢٨٩٥ - إذا جُنَّ من له الخيار في مكان الخيار وزمانِ الخيار، لم ينقطع خيارُه وفاقاً، وقام من يقوم عليه في أموره مقامه في أمر الخيار، وليس الجنون في معنى الموت؛ فإن الموت فراقٌ كما قدمناه.
فلو فارق المجنون مجلسَ العقد، فهذا فيه احتمال يلاحِظ إخراج أحد المتعاقدين عن مجلس العقد كُرهاً. ويجوز أن يقال: لا ينقطع بمفارقة المجنون؛ فإن التصرف
(١) في الأصل: المكره. وما أثبتناه من: (هـ ٢).
(٢) "فمهما": بمعنى: فإذا.