يقول: لو جَعلنا الوطء رجعةً، لأبحناه للزوج.
ثم نقول: إذا أبحنا الوطء للبائع، فلا يلزمُه المهر؛ فإنا إنما نُبيح له الوطء على قولنا: المِلكُ له، أو على تقدير نقل المِلك إليه قُبيل الوطء، وذلك يمنع ثبوتَ المهر.
وإن حرّمنا الوطء، فلا شكَّ أنا مع التحريم نحكم بانفساخ العقدِ، فالوجه مع ذلك القطعُ بنفي المهر؛ فإنا وإن حرَّمنا الإقدام على الوطء (١)، فنقول: الفسخ يتضمن تقدير نقل الملك قُبيل الوطء.
فإن قيل: إذا أبحنا الوطء، فالإباحة تستدعي تقدير نقل الملك قُبيل الوطء، كما ذكرتموه لا محالةَ، فأما إذا لم يُبَح، فما المانع من الحكم بأن الفسخ لا يقتضي تقديمَ الملك على الوطء؟ قلنا: هذا التقدير محتمل، وللقول فيه مجال، ولكن لا يجب المهر مع هذا التقدير أيضاً؛ فإن مساقه يتضمن مقارنةَ الملك للوطء، وإذا قارن الملكُ الوطء، استحال إيجاب المهرِ، ولا سبيل إلى المصير إلى أن الوطءَ (٢) يستعقب الفسخ.
فهذا تفصيل القول في وطء البائع والمشتري إذا كان الخيار لهُما جميعاً.
٢٩٢٧ - أما إذا كان الخيار للمشتري وحده، فظاهر المذهب أن الوطء منه إجازةٌ.
وذكر العراقيون الخلافَ هاهنا، كما ذكروه والخيار لهُما. فإذا وطىء وجعلناه مجيزاً، لم يلزمه المهر؟ فإنه عند انفراده بالخيار ينفرد بالإجازة، كما ينفرد البائع بالفسخ، ثم التفصيل في إباحة الوطء للمشتري كالتفصيل في البائع. والقول في المهرِ على ما ذكرناه في الأكساب، في مثل هذه الصورة.
فهذا كُلّه فيهِ إذا عَري الوطء عن الإعلاق.
٢٩٢٨ - فأما إذا اتصل الوطء بالإحبال، فنذكر حكمَ المشتري، ثم نشُير إلى حكم البائع.
(١) مزيدة لاستقامة المعنى.
(٢) عبارة الأصل: "إلى أن إيجاب الوطء".