الرجل في جارية، ثم قبض جارية، فوجدها دون الوصف؛ فإن قنِع (١) بها، فذاك. وإن ردَّهَا، فلا شك أنه يطلب جارية على الوصف المستحق، ولكن المسلَمَ إليه، هل يجب عليه استبراء الجارية التي رُدّت عليه، فعلى قولين مأخوذين من الأصل الذي مهّدناه الآن: فإن جعلنا ردّ الموصوفِ بمثابة ما لو لم يقبض، فيتبين أن ملك المسلم إليه ما زال عن الجارية بالتسليم إلى المسلِم، فلا حاجة إلى الاستبراء، وإن لم نُسند الأمر، فنقول: زال الملك فيها. ثم عاد وانتقض، فيجب الاستبراء.
٢٩٨٠ - عدنا إلى تفريع ما ذكرناه في الصرف. فإن قلنا بالاستناد (٢)، فلو جرى الرد بعد التفرُقِ، بان انفساخُ العقدِ، ولم يملك الرادُّ بدلاً، وإن لم نقل بالإسنادِ، فالرّادّ يطلب من المردود عليه بدلَه على الوصف المذكور في العقد.
هذا إذا كان ما قبضه أولاً وأراد رَدّهُ من جنس ما سمّاه.
فأما إذا كان الموصوف دراهمَ والمقبوض زُيوفاً، فإذا وقع التفرق، بطل العقدُ، فإنه تفرّق قبل قبض الموصوف في الصرف.
ولو قال القابض: أقنعُ بما قبضتُه، لم يكن له ذلك، والجهةُ مختلفةٌ، فهو كما لو أسلم في جارية فسُلم إليه غلام، فليس له أن يقنع به.
وسيأتي شرح ذلك في كتاب السلَم.
وما ذكرناه في جميع المقبوض في رداءة الجنس، ومخالفة الجنس نُعيدُه في بعض المقبوض. فنقول: إذا تفرّقا، وقد تقابضا في ظاهر الحال، ثم بان أن بعضَ ما قبضه
= عملنا هذا كيف كانت المعاناة، فيغض الطرفَ عما قد يجده من هناة هنا أو هناك، ويجعل جزاءنا منه دعوة بخير، تنفعنا في مضجعنا وفي أخرانا إن شاء الله رب العالمين.
(١) قنع: من باب سلم سلامة: رضيَ، وقنَع: من باب خضع خضوعاً: سأل. ومنها: " القانع والمعترّ " (المصباح والمختار).
(٢) الاستناد عند الأصوليين هو أن يثبت الحكم في الزمان المتأخر، ويرجع القهقرى حتى يحكمَ بثبوته في الزمان المتقدم، كالمغصوب؛ فإنه يملكه الغاصب بأداء الضمان، مستنداً إلى وقت الغصب.
هذا. وقد مضى بيان أتم لمعنى الاستناد، وغيره، في تعليقات باب النفاس.