وقد اختلف أصحابنا في ذلك: فساعده بعضُهم، واعتلَّ بأن تسليم الدار مستحق، وإنما يتم التسليمُ بتسليم المفتاح، والأغلاقُ (١) من الدار، فتستتبع المفتاحَ، فإن المفتاح إنما يُعنَى للأَغْلاق.
ومن أصحابنا من قالَ: لا يدخل المفتاحُ تحت البيع؛ فإنهُ منقول غيرُ معدودٍ من أجزاء الدار، ولئن عُدَّ من مصالح الدار، كان بمثابة المكانسِ، والمساحِي، والمجارِفِ، وغيرها.
هذا قولُنا في المنقول، وسيلتحق بهذا الفصلِ طرفٌ من مسألةٍ سنُنبّه عليها في القسم الثاني.
٣٠١١ - فأما الثوابت في الدارِ فتنقسم إلى ما يثبَّتُ تَتِمَّةً لبناءِ الدار، وإلى ما يَثبَّت والغرضُ من إثباته ألا يتحركَ في الاستعمال، كالأجَاجين (٢) والأَرْحِيَةِ، فأما ما أُثبتَ ليُعَدّ من الدار، ويستكملَ به بناؤُها، فلا شك في دخولها، وما أُثبت كي لا يتزعزَعَ، فمنه الطاحونة.
وحاصل ما قاله الأصحاب ثلاثةُ أوجُهٍ: أقيسُهما - أن الحجرين الأعلى والأسفل (٣) لا يدخلان في البيع؛ فإنهما لا يعذان من أجزاء الدّار، وإن جرى إثباث في الأسفل، فليس هو ليلحقَ بأبنية الدار، وإنما هو لغَرضٍ في الاستعمال.
والوجه الثاني - أنهما يدخلان، أما الثابت، فيدخل لثبوته، ثم يستتبعُ الحجرَ الأعلى، كما تستتبعُ الأَغلاقُ المفتاحَ.
والوجهُ الثالث - أن الأسفل يدخل لثبوتهِ، كما يدخل أيُّ (٤) حجرٍ آخرَ يُثبَّت في عرْصةِ الدار، وصورةُ الثبوت لا تختلف، والقصودُ لا معوَّل عليها، والأعلى لا يدخل؛ لأنه من المنقولات، والاستتباعُ باطل هاهنا؛ فإنه لا يتحقق ما لم يتقرر
(١) الأغلاق: جمع غَلَق، ما تغلق به الدار، وتفتح الأغلاق بالإغليق، وهو المفتاح (معجم).
(٢) الأجاجين: جمع إجّانة: آنية تغسل فيها الثياب.
(٣) إشارة إلى حجري الطاحونة، فأحدهما يكون مثبتاً، والآخر يدور فوقه، والحبوب بينهما تطحن.
(٤) زيادة اقتضاها السياق. حيث قدرنا سقوطها من النسختين.