فيها، وقطعوا القولَ بهذا. ولست أرى الأمرَ كذلكَ، سيما إذا لم يتباعدا تباعداً، يؤثر في اختلاف التغايير، ولا حاجز إلا جدار.
ولو كان للرجل بُستانان كما صَوَّرنا، وقد بدا الصلاح في ثمارِ أحدهما دون الثاني، فلو أَفردَ بالبيع الثمَار التي لم يَبْدُ الصلاحُ فيها، فالذي رأيت الطرُقَ متفقة عليه أنا لا نعتبِرُ حكمَ الثمار التي بيعت بثمار بستانٍ آخر، وهذا يشيرُ إلى ما ذكرهُ العراقيون من اعتبار اتحاد البستان وتعدُّده.
ولم يختلف علماؤنا أن بُدوّ الصلاح لو كان في مِلكِ غير البائع، ولم يَبْدُ الصلاحُ في بستان البائع. فلا يقال: الوقتُ وقتُ بدُوّ الصلاح، فتجعل الثمار المبيعة كأنها مزهية. هذا لا قائل به. وقد ذكرنا خلافاً فيه إذا اختلف الملكُ، واتَّحد البستان، وثبت التأبير أو الصلاحُ في بعضِ ثمار البستان، فهل يتبع المبيعُ غيرَ المبيع، والبستان واحدٌ؟ فيهِ الخلاف المعروف، ولا فرق بين أن يكون ما أبقاه البائع له، أو يكون لغيره؛ إذا كان البستان الواحد جامعاً لهُما. ولَعلَّ رعايةَ اتحادِ البستان من (١) جهة أنه كالشيء الواحد في التطواف عليه، والتردُّدِ فيه.
ومعظم هذه الأحكام تبتنَى على عاداتٍ. فهذا منتهى المراد في ذلك.
وكل ما ذكرناه في الثمار، أو ما يجري مَجرَاها.
٣٠٤٠ - فأمَّا القولُ في الزروع، فهي تنقسم إلى التي تُخلِفُ، وإلى التي لا تُخلِف.
فأما ما يُخلِفُ منها إذا جُزَّت كبعضِ البقولِ، ومنها القُرط، وما في معناه، فهذا الجنس يكون متزايداً أبداً، ولا (٢) وقوفَ له، فإذا بيع منه جِزَّةٌ، فلا بد من شرطِ القطع، ولا يُنظر في هذا القسم إلى ما يقع في زمان العاهات، أو في زمان النجاةِ منها، وكذلك لا يُنظرُ إلى طيبِ الأكلِ، وذلك أنّا إذا كنا (٣) نحاذر إمكان الآفة، ونشترطُ القطعَ لذلك، فالاختلاطُ الذي يجرّ إلى البيع اللبسَ العظيمَ لأن يُجتَنبَ أوْلى.
(١) الجار والمجرور في محل رفع خبر لعل.
(٢) ما بين المعقفين ساقط من الأصل.
(٣) في الأصل: أنا كنا، وفي: (هـ ٢): إذا كنا. والجمع بينهما تصرفٌ اقتضاه السياق.