ردّ باستنكار على قائليه، مزدرياً إياه قائلاً: " فهذا شيء لم أفهمه ".
* وشبيهٌ بهذا تماماً ردُّه لتعليل المزني لصحة التيمم من الجنب الذي نسي الجنابة فتيمّم للحدث، حيث أضرب عن ذكر تعليل المزني، وذكر العلة التي ارتضاها، ونص عبارته: " وقد علّل المزني ذلك بعلّة غير مرضية، وليس يتعلق ذكر غلطه بغرضٍ فقهي؛ فلا نتعرض له " ثم ذكر العلة التي ارتضاها، فقال: " والعلة السديدة أن التيمم لا يرفع الحدث، سواء ذكر على الصواب، أو على الخطأ، وإنما مقصود النية استباحة الصلاة، ولا احتفال بذكر غيرها بوجهٍ من الوجوه ". اهـ
* ومن هذا الباب أيضاً ردّه لذلك السؤال القائل: " هل يجب الصوم على الحائض في وقت الحيض بدليل وجوب قضائه، أم لا يجب لعدم إمكانه؟ " ويأبى الإصغاءَ لهذا الخلاف قائلاً: " ومن يبغي حقيقة الفقه لا يقيم لمثل هذا الخلاف وزناً ". اهـ
ونكتفي بهذه النماذج، فالأمثلة في كتابه هذا لا تعد ولا تحدّ.
ثانياً - تحري الدقة والتثبت في النقل عن الأئمة:
حينما ينقل الإمام الوجوه والأقوال عن الأصحاب الأعلام الذين يؤخذ عنهم المذهب لا يستسلم لكل ما يُرْوى ويُنقل، بل حينما يلوح الخلل فيما ينقل يأخذ في نقده بما يمكن أن نسميه النقد الداخلي والنقد الخارجي، أو بما يمكن أن نسميه نقد السند والمتن.
فمن ذلك حينما نقل الناقلون عن القفال القول بانقطاع النكاح إذا أسلم الزوج المشرك، وعندما أسلم أَحْرم، ثم أسلمت زوجته وهو محرم، وكذا إذا نكح في الشرك، ثم إن المرأة وطئت بشبهة بعد جريان النكاح، وجرت في العدة، فلحق الإسلام النكاح والمرأة في عدة الشبهة، فينقطع النكاح عند القفال في هذه الصورة أيضاً، كذا نقل النقلة.
تتبع الإمام هذا القول، وعرف مصدره، ثم قال: " هذا مما حكاه أصحاب القاضي عن القفال على هذا النسق، وأورده بعض المصنفين عنه على هذا الوجه ".