فأما سائرُ الأيدي. فإذا ثبتت يدٌ على ملكِ الغير، ولم تكن يدَ معاوضة، وملك المالك تامٌّ، وهو قادِرٌ على رَدّ المِلكِ إلى يَدِ نفسهِ، فبيعُه نافذ سواءٌ كانت تلك اليد يدَ أمانةٍ، أو يدَ ضمان، فيدُ الأمانة كيدِ المودَع والمقارِض قبل أن يربح، وغيرِهما.
ويدُ الضمان كيد الغاصب، والمستعيرِ، والمستام.
ولو وهبَ شيئاً وسلّمه، وكان يثبت له حق الرجوع، فرَجع في الهبَةِ وبقيت العينُ في يَد المتَّهِبِ، فتصرّف الراجع نافذٌ، لما قدمناه.
وإذا قبلَ الموصَى له الوصيّةَ النافذةَ، والعين الموصَى بها في يدِ الورثة، فتصرُّفُ الموصَى لهُ نافذٌ قبل قبض العين، إذا استمكنَ من أخذها. وإن تصرَّف قبلَ قبول الوصية، خرج هذا على تفصيلِ القولِ في أن المِلك في الموصَى به متى يحصل؟ وهذا سيأتي مقرراً في كتاب الوصايا، إن شاء الله تعالى.
فهذا منتهى البيان في ذلك.
فصل
قال: " ومن ابتاع جُزافاً ... إلى آخره " (١).
٣٠٧٨ - هذا الفصل مضمونُه بيانُ القبضِ ومعناه، واختلافِه في المقبوضات على حسب اختلافها، فنقول: المقبوضاتُ ثلاثةُ أقسام: ثابتٌ لا يُنقَل.
ومنقولٌ مقدّر، وَرَدَ البيعُ عليه باعتبار التقدير فيه.
ومنقول غيرُ مقدّرٍ، أو قابل للتقدير، أُورد البيعُ عليه جزافاً.
فأما الثابت، فهو العَقارُ، والقبض فيهِ التخليةُ، والقولُ التام في التخليةِ ومعناها، أنها تمكينُ القابض مع تمكنه من إثبات اليد عند ارتفاع يدِ الممكن. وهذا يستدعي حضورَ المقبوض والقابض، معَ التمكن الذي ذكَرناهُ. ولو كانت العينُ غائبة، ففي تحقيق التمكينِ منها كلامٌ سأذكره في كتاب الرهون، إن شاء الله تعالى.
(١) ر. المختصر: ٢/ ١٨١.