ولا شك أن البائعَ لو نقل المبيع من حَيّزهِ إلى صوبٍ عن يمينه، أو عن يَسارهِ، وهو يبغي الإقباضَ والمشتري في مقابلتِه، فليس ما جاء بهِ قبضاً؛ فإن صورةَ النقل لا تكفي حتى يكون نقلاً إلى المشتري، أو نقلاً من المشتري؛ فإن المشتري لو أخذ المبيعَ بإذن البائع، ونقلَه إلى أيّة (١) جهةٍ فُرضت، فهذا قبضٌ.
ولا يخفى على الفقيه أن الإقباضَ من البائع بجهةِ النقل يُشترط فيه أن يُشعرَ المشتري به، ويتمكَن منه، حتى لو وضعه بين يديه، وهو راقدٌ، فتلف المبيعُ قبل أن ينتبه، فهو من ضمان البائع. والسببُ فيه أن سرَ الإقباض التمكينُ، ثم صُورُ التمكينِ تختلف باختلاف المبيع، ومن ضرورة التمكينِ إشعارُ المشتري بما يجري، وعلمُه بحقيقة الحال، وتمكّنُه كما ذكرناه في التخلية.
وكل ما ذكرناه فيه إذا جَرى البيعُ ونقلُ المبيع في بُقعةٍ لا اختصاص لها بالبائع.
٣٠٨١ - فأما إذا جرَى البيعُ في مسكن البائع (٢)، وكان ملكَه أو مُستَأجَره أو مستعاره، فإذا أذن للمشتري في القبضِ والنقلِ، فأخذ المشتري المبيع ونقله إلى جانب نفسهِ، فليس ما جاء به قبضاً؛ من جهةِ أن الشرط في ثبوت يدِ المشتري القابض زوالُ يدِ المُقبض، وإذا كانت الدار للبائع، فهي تحت يدهِ، وما في الدارِ حكمهُ حكمُ الدارِ، ولو فرضَ نزاعٌ بين دخيل في الدارِ وبينَ مالكِ الدار في مبيعٍ قريبٍ من الدخيل ومجلسهِ، فصاحبُ اليد فيها صاحبُ الدار، إذا لم تكن العينُ متعلِّقة على نعتٍ من الاختصاص بالدخيل، بأن يقعَ النزاعُ في ثوبٍ، والدخيل لابسه، أو في متاع وهو محتوٍ عليه.
وفي هذا كلامٌ طويلٌ ليس هذا موضعَه؛ فإنا سنفصل، إن شاء الله تعالى تفصيلَ الأيدي التي تثبتُ بها رتبةُ المدَّعى عليه في كتاب الدعاوى - إن شاء الله تعالى.
فلو أذن البائعُ للمشتري في نقل المبيع إلى بقعةٍ من الدار و أجّر (٣) تلك البُقعة
(١) زيادة من (هـ ٢).
(٢) هذه هي الصورة الثانية من الصورتين الموعودتين.
(٣) في الأصل: وليجر.