٣٠٨٥ - والغرضُ من هذا الفصل شيء واحد، وباقي القول في القبض جزافاً وكيلاً سنجمعه في فصلٍ على إثر هذا إن شاء الله تعالى.
وذلك المقصودُ: أنا إذا جرينا على اشتراط النقل وهو المذهبُ، فقد أطلق الأصحابُ القولَ بأن الكيل مع تفريغِ المكيال كافٍ؛ فإنّ من ضرورتهِ النقلُ من جهةِ الأخذِ إلى جهةِ التفريغ، وهذا يُوهم لبساً.
ومُعظمُ العماياتِ في مسائل الفقهِ من تركِ الأولين تفصيلَ أمور كانت بيّنةًً عندهم، ونحن نحرِصُ جهدَنا في التفصيل، ولا نبالي بتبرم الناظر.
فالكيلُ لَعَمْري نقلٌ، لكن يجب معهُ اعتبار الأمور التي مهّدناها (١)، حتى لو كالَ البائع الحِنطة التي باعها مكايلةً، وأخذ يصُبّها عن يمينه وعن يسارهِ، لا في جهة المشتري، فالذي جاء بهِ كيلٌ، وليس بنقل، والنقلُ باقٍ في الحكم بصحة القبض.
فإذن الكيلُ أو الوزن معتبرٌ في عَقدِ المكايلة والموازنة، وقد يقعُ الكيل على صُورَةِ النقل فيسُدّ مسدَّينِ، وقد يقعُ لا على صُورَةِ النقل، فيبقى الكلام في النقل على ما تقدَّم.
فصل
في بيع الحنطة مكايلةً مع جريان القبض جزافاً
٣٠٨٦ - فنقول: إذا اشترى طعاماً كيلاً، ثم قبضهُ جزافاً، فقد قال الأصحاب: لو تلفَ ما (٢) قبضه كذلكَ، فإنه يتلف من ضمانه وفاقاً، ولا ينفسخ البيعُ أصلاً.
ولو أرادَ بيعَ ذلك الطعامِ الذي قبضه جزافاً نُظر: فإن أراد بيعَ الكيل، فلا يصح منه البيعُ في الجميع؛ إذْ حق البائع متعلِّقٌ به، وقد يزيد إذا كيل.
والمسألة مصوّرة فيه إذا باع عشرةَ آصع، وأشار إلى صبرة، ويجوز أن تكون الصُّبرة عشرة، ويجوز أن تزيدَ، فلو أنهُ قبض جزافاً، ثم باع القدر الذي يستيقن أنه
(١) (هـ ٢): قدمناها.
(٢) عبارة (هـ ٢): " قال الأصحاب: ذلك الطعام الذي قبضه كذلك ".