قطع يديْه، مع بقاء العبد في يدِ البائع، وهذا محالٌ لا سبيل إليه؛ فكانت هذه الصورة مستثناةً من بين الصور في القطع، باعتبار النقصان؛ والسببُ فيه أن قطعَه ليس بجناية، وإنما هي قبض، والأرش يتقدّر في الجنايات.
ومن غصب عبداً فسقطت يداه بآفةٍ، لم يلزمه إلا النقصانُ، مع تحقق العدوان، لأنه لم يجنِ، فلا إشكالَ إذن في أن الأرشَ المقدرَ لا سبيل إلى اعتباره في حق المشتري، وليس ذلك معللاً بالضرورة، وإنما تنكر (١) في الضرورة بتلك الصورة مستشهد بها للتقريب من فهم المسترشد. والتعليلُ ما ذكرناه، من أن ما صدر منه ليس جناية.
فهذا تفريعُ التلفِ والنقصانِ على أبلغ وجهٍ وأوجزِه.
فرع:
٣١١٥ - إذا غصبَ المشتري المبيعَ من يد البائعِ، قبل توفيرِ الثمنِ عليه، فإن لم نُثبت للبائع حقَّ الحبس، فلا كلامَ. وإن أثبتنا له حقَّ الحبس، فلو أتلف البائعُ المبيعَ في يدِ المشتري وكان اغتصبه، فنقول: أوّلاً للبائع استردادُ المبيع منه لحقه في الحبس؛ فإن أتلفه البائعُ، فقد (٢) ذكر صاحبُ التقريب قولين: أحدهما - أن البيعَ قد استقر بقبضه وإن ظَلَم (٣) فيه، فعلى البائع القيمةُ، ولا خيارَ للمشتري في فسخ البيعِ.
والقولُ الثاني - أن الخيارَ يثبت للمشتري؛ فإن إتلافَه على صورة إتلاف المشتري، والمشتري إذا أتلف كان قابضاً، فإذا أَتلفَ البائع، كان ذلك في معنى استراد العين من المشتري، ثم ردّد كلامَه على وجهٍ معناه ما نبديه: فيحتَملُ أن يقال: ينفسخ العقدُ بإتلافه، وكأنه ردّ المبيع إلى يدهِ، ثم أتلفه، ليخرج على الخلاف في إتلاف البائع
(١) في هامش (هـ ٢) نسخة أخرى: " تيك الضرورة في تلك الصورة ". والعبارة على الحالين غير مستقيمة، ولعل تصحيفاً وقع فيها وصوابها: "وإنما (يذكُرُ) في الضرورة تلك الصورة مستشهدٌ ... " ومستشهد فاعل (يذكر) أو سقطت الألف علامة التنوين في مستشهد، وتكون هكذا: تتكرر في الضرورة ... مستشهداً بها. والله أعلم.
(٢) في النسختين: قد (بدون الفاء).
(٣) أي كان ظالماً في قبضه، حيث اعتدى على حق البائع في حبس المبيع.