فهو يؤكد أن هذا المنهج -المباحثة- يفضي إلى مقر المذهب، أي معاقده وضوابطه.
* ويؤكد أنه لا يحب أن تشغله التفاصيل والتقاسيم، بل يأتي منها بقدرٍ؛ توطئة لذكر المعاقد، أي القواعد والضوابط. وقد عبر عن ذلك بما قاله تعليقاً على تفريعه لبعض قضايا الإجارة، وما لو غصب غاصب الأرض المستأجرة؛ قال:
" وقد أكثر الأصحاب في التفاصيل والتقاسيم، وهذا فنٌّ لا أوثره في هذا المجموع، وقد تولّع المصنفون بتطويل الكلام بالإعادات، ونحن إذا كنا نضطر إلى مجاوزة الحد في كشف المشكلات، فينبغي أن نؤثر قبضَ الكلام في المعادات، ونقتصر على ذكر المعاقد والمرامز ".
* وفي كتاب الصلاة، بعدما أطال النَفَس في حكم قصر الصلاة عندما ينزل المسافر مقيما أثناء السفر، وسبب هذه الإقامة، وأنواع المسافرين بهذا السبب، قال: " وقد بقي وراء ذلك أهمُّ شيء بالاعتناء به، وهو نظام الفصل وترتيب القول فيه؛ فإنه كبر قدره، وانتشرت أطرافه ".
فهو يجعل الضابط الذي يلم شعث الفصل، ويجمع انتشاره أهم ما يعنيه، فهو أهم شيء في الفصل، ثم يأخذ في وضع الضابط، فيصوغه في دقةٍ وإحكام، ولا نرى داعياً للإطالة بذكره هنا؛ فليس هذا موضوعَنا.
* وفي باب (الاستطابة) عندما يتكلم عن ضرورة رعاية العدد في أحجار الاستجمار، يعتذر عن الإطالة في الحديث عن ذلك قائلاً: " وإن أطلت الكلام في هذا، فليحتمل " معلّلاً هذه الإطالة بأنها كانت من أجل استخلاص الضابط الذي انتهى إليه، مؤكداً أن ذلك هو غرضُه الأهم، من وراء هذا العمل، أي من وراء هذا الكتاب، فيقول: " فإن غرضي الأظهر في وضع هذا الكتاب التنبيه على قواعد الأحكام ومثاراتها؛ فإن صور الأحكام والمسائل فيها غير معدومة في المصنفات، فهذا أصل الباب، ومنه تتشعب المسائل ".
" بل يعلن تبرّمه وشكواه -مراراً- من أن الأصحاب انصرفوا عن هذا الجانب أعني