بابُ المُرابحةِ
٣٢٠٩ - صورة المرابحةِ أن يقول لمن يُخاطبُه: اشتريتُ هذا بكذا، وقد بعتكَهُ إياه بربح الواحد على كل عشرة، أو على العَشرة نصفُ درهم، على ما يقعُ الاتفاق عليه.
وحقيقةُ العقد بناؤه على العقد الأول، مع شرط مزيدِ الربح، أو حطيطةٍ مع التعويل على أمانةِ البائع، فإذا قال: بعتُك هذا بما اشتريتُ -وهو كذا- مرابحةً على كل عشرةٍ واحداً، أو اثنين، أو أقلَّ، أو أكثرَ على حسب التوافق، فالعقد يصح على هذا الوجه، ويثبتُ المزيد الذي أُثبتَ على صيغةِ الربح.
فإن ذكرا مبلغ الثمن والربح عليه، فالبيع صحيح.
وإن كان المشترِي جاهلاً بالمقدار، فقال البائع: بعتُك هذا العبدَ بما اشتريتُ، فالبيع فاسدٌ على الصحيح.
وحكى بعض الأئمة عن صاحب التقريب أنه قال: لو جرى هذا العقدُ، فلم يفترقا عن المجلس، حتى أعلم البائعُ المشتريَ مقدارَ الثمن، فالمذهب أن البيع فاسدٌ.
وفيه وجهٌ أن العقد ينقلب صحيحاً. وهذا ليس بشيءٍ؛ فإنَّ المجلسَ فرعُ انعقادِ البيع، فإذا لم ينعقد البيعُ، فلا مجلس له.
وأبو حنيفة (١) نفى خيار المجلس، وأثبتَ للمجلس أثراً في صحة العقد، بعد جريان الإيجاب والقبول على الفساد.
ومن أصحابنا من قال: يصح البيعُ في الأصل وإن كان المشتري جاهلاً برأس المال؛ فإن الإحاطةَ به ممكنة، والعقد الثاني مبنيٌّ على العقد الأول، وهو كالشفيع يطلب الشُّفعةَ قبل الإحاطة بمبلغِ الثمنِ. وليس هذا كما لو قال: بعتُك عبدي بما باع
(١) ر. مختصر اختلاف العلماء: ٣/ ٤٠٦ مسألة ١١٢٥، إيثار الإنصاف: ٣١١، الاختيار: ٢/ ٥.