٣٢٢٣ - فأما إذا جُني على العبد وغرِمَ الجاني أرش جنايته، فسبيلُ ضبط المذهب أن أثر الجناية عيبٌ طارىء، فلا بدَّ من ذكره، فلو أراد ألا يذكر العيبَ ولا يَحطَّ الأرشَ الذي أخذهُ عن (١) الجاني، بل يذكرَ جميعَ الثمن، أو جميعَ ما قام عليه به، لم يكن له ذلك، وكان مدلّساً.
ولو جرت جناية وزال أثرُها بالكلية، ولكنا كنا نرى في وجهٍ تغريمَ الجاني شيئاً على مقابلة جنايته، فالظاهرُ في هذه الحالة أنه لا يجب عليه ذكرُ ما جرى، والمأخوذ من الجاني في حكم زيادةٍ مستفادةٍ من المبيع، والسبب فيه أن المبيعَ غيرُ مُنتقَصٍ.
ومن أصحابنا من أوجب ذكر ذلك، وهو بعيدٌ، لا أصل له.
وإذا جرينا على الأصح وقلنا: جراحُ العبدِ من قيمته، كجراح الحر من ديته، ثم جرت جناية مُوجَبها من طريق التقدير نصفُ القيمة، وما نقصت من الجنايةِ إلا ثُلثها.
فإذا باع العبدَ بما قام عليهِ، وحَط مقدارَ النقصان من القيمة، ولم يحط ما غرِمه الجاني له وراء النقصان، ففي المسألةِ وجهان، والأصح أن ذلك جائز؛ فإن الزائد على النقصان غرِمه الجاني لحقّ الدية، والمعتبر في المرابحة القضايا الماليّةُ.
ومن أصحابنا من اعتبر جملة الأرش الذي غرِمه الجاني وإن زاد على مقدار النقصان؛ طرداً للباب؛ ومصيراً إلى أن تقدير الشرع أولى بالاعتبار من تقويم المقوّمين في السوق؛ فنجعل كان الناقصَ النصفُ الذي حكم الشرعُ به.
وقد يرى الناظرُ في كتب العراق وجهين مطلقين في أنه هل يجب على البائع ذكرُ الجناية أصلاً.
وهذا غيرُ معقولٍ إلا في أرشٍ لا يقابِل تنقيصاً من القيمة، كما ذكرته الآن (٢) في الصورتين: إحداهما - في أرش يقابل جنايةً لم يبقَ أثرُها، والأخرى - أن يكون الأرش وراء النقص مأخوذاً من تقدير الشرع (٣).
(١) "عن" مرادفة لـ (مِن).
(٢) في الأصل: إلا.
(٣) ساقطة من (هـ ٢).